(المواطن)، في أي بلاد ربطها التاريخ بصلات تقليدية مع المجتمع الإسلامي، بل نحن نتناول هذه المشكلة الأخيرة بطريقة أفضل. فنحن بهذه الطريقة سنتفهم بالخصوص، وبأفضل من ذلك، البدعة المتبدِّية فيما هو واقع من أن مواطن (جاوة) ومواطن (مراكش)، يعيشان اليوم على نفس المحور الجغرافي - السياسي الذي يبدأ من طنجة إلى جاكرتا، وهما مع ذلك جد مختلفيْن، بالنظر إلى النموذج المجتمعي الذي يحيا على محور واشنطن- موسكو ...
وذلك راجع لما بينهما من قاسم مشترك، ليس متأتياً من الطقس ولا من التراب في بلادهما، ولكن من وراثة معينة يدينان بها إلى مجمتع (ما بعد الْمُوَحِّدين) الذي خصَّهُما في الواقع بالكثير من العناصر السلبية التي سبق لي أن حاولت إدراجها في دراسة أخرى تحت عنوان: (القابلية للاستعمار). وإذن ففي يومنا هذا توضع مشكلة (المواطن) في أي بلاد على نفس المضمون الاجتماعي لمشكلة أي كان من (إخوانه في الدين) في البلاد الأخرى. وهذا يؤدي إلى القول بأن مشكلة الإنسان العقيدي هي التي توضع في حقيقة الأمر، أعني مشكلة الإنسان المسلم الذي لا يعرف البتة كيف يستعمل عقيدته باعتبارها أداة اجتماعية ... وإن إحدى الفضائل التي يتعين ربطها بفكرة الكمنويلث الإسلامي، لهي إرْجاعُ هذا الاستعمال للإنسان المسلم، ومن ثَمَّ إرجاع ما للإسلام ذاته في النهاية من فعالية اجتماعية، ومن إشعاع في العالم.
٣ - الشهادة:
إن الاعتبارات التي أجْرِيتْ على تخطيط الدوائر (أي مناطق الحضور)، قد تناولت بالخصوص موضوع المظهر النفسي- الاجتماعي في مشكلة الإنسان المسلم باعتباره (مُمَثلاً) لأفعاله أو (مؤلفاً) لها .. ولكن القرآن يعينه لدور آخر، هو دور (الشاهد) أو المشاهد الأمين لأعمال الآخرين: