إننا باختيارنا لعنوان هذا الكتاب، قد استقينا النموذج الأصلي- كما لا يغيب عن فطنة القارئ- من مثال موجود فعلاً، وهو (الكمنويلث البريطاني). وكل اختيار لمثال يفرض مواطن شَبَهٍ في مظهر الأشياء أو في ماهيتها. ولكننا لو قمنا بصنع تقويم لمواطن الشبه هذه، فإننا نصل بالضرورة إلى نهايتها التي تتبدَّى فيما وراءها حينئذ مواطن الاختلاف. والمشابهات قائمة على نحو من الأنحاء في مستوى المشاكل، والمفارقات كائنة في طبيعتها؛ فالكمنويلث البريطاني (مساحة كبيرة). وفي هذا المستوى تتخذ المشاكل صبغة جغرافية- سياسية، أعني صبغة سياسية محدَّدة بالمساحة على الخصوص.
والكمنويلث الإسلامي، بسبب مسافاته المحورية، والكتل البشرية التي تشملها مساحته، يضع أمامنا مشكلة ذات طابع جغرافي- سياسي، في مستوى الكمنويلث البريطاني.
وهذه مشابهة مهمة. جداً، من شأنها، في مقياس معين، الإيحاءُ بالحلول، والتقريب بينها، خاصة وأن الكمنويلث البريطاني، ليس دولة، ولا فيدرالية دول، ما دامت كل بلاد عضوة فيه تمارس سيادتها في كل المجالات، وتملك تمثيلها الديبلوماسي الخاص بها في الخارج. وعلى العكس من ذلك، فإن دول (الولايات المتحدة الأمريكية)، تكون فيدرالية ذات تمثيل ديبلوماسي واحد. والمترتب على هذا أنه لكي نحدِّد الرابطة العضوية، التي تستطيع الربط بين أجزاء كمنويلث إسلامي، يمكننا- ما دمنا على علم بالوضع الحقيقي لهذه الأجزاء- أن نستلهم المثال البريطاني، أكثر من استلهامنا للمثال الأمريكي أو السوفياتي.
على أن لهذه المشابهة نفسها حدها الذي لا تتعداه، فالرابطة العضوية بالنسبة إلى الكمنويلث البريطاني، المجسَّمة كما هو الواقع في شخص (ملك