إن الذي يحصل بالفعل، هو أن المجتمع الإسلامي، يقوم بتجربة مؤلمة، منذ نصف قرن، وإذا أردنا الدقة قلنا منذ منتصف القرن التاسع عشر. فهذا المجتمع قد انضوى- منذ أن استيقظ على ضربات النزعة الاستعمارية، وعلى نداء رجال من أمثال جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده- في حركة (النهضة)؛ وقد تعورف على تسمية هذه المرحلة بالنهضة- وهي المرحلة التي تبدأ منذ اليقظة الأولى لهذا المجتمع حوالي سنة ١٨٥٨، وتستمر حتى وضعه الراهن- ولكننا إذا ماحللنا هذه المرحلة لإبراز خصائص الفكر الإسلامي، طوال هذا القرن من تطوره، نجدها تنقسم إلى ثلاثة عصور متميزة:
أ - عصر النوم الذي استمر قروناً عديدة.
ب - وعصر الانتباه أو استرداد الوعي.
بر- وعصر الفوضى والذبذبة الراهنة.
وهذه العصور الثلاثة تتطابق بدقة، مع الأطوار الثلاثة لتجربة الطفل:
أ - الطور الأمومي: حيث لا يكون لدى الرضيع المتشبث بثدي أمه أيُّ مفهوم لعالم الأشياء.
ب - والطور (قبل الاجتماعي) حيث يبدأ الطفل في الدخول إلى عالم الأشياء، وإن كان لا يزال يجهل كل شيء عن عالم الأفكار.
جـ - والطور الاجتماعي (المدرسي وما بعد المدرسي) حيث يحاول الطفل أن يقيم في داخله الصلة بين عالم الأشياء وعالم الأفكار.
ولو حاول موجهو العالم الإسلامي تأمل هذا التخطيط البسيط، لتفهموا بكل تأكيد، وبطريقة أفضل، الآليةَ النفسية المهيمنة على تجربة الجيل الإسلامي