في الإضرار به، ولكن حظوظه بوصفه مسلماً، في المنافسة العالمية، أكثر ضآلة، من جراء بعض العوامل السلبية التي أثرت على تطور العالم الإسلامي منذ بضعة قرون. وهذا مجرد تقرير للواقع المشاهد؛ ولكن يجب أن يوضع هذا التقرير داخل وعي الإنسان المسلم، لنتفهم بعض مظاهر سلوكه منذ خمسين عاماً. فالفوضى في الأشياء وفي الأفكار كان من نتائجها الحتمية انعدام الأمن في المجتمع، والبلبلة في الأفكار والاضطراب في الأرواح. فهناك دائماً تبعية مشتركة بين الحالة الاجتماعية، والحالة الأخلاقية في وسط معين: فالفوضى الاجتماعية في أشكالها المختلفة، الاقتصادية والفكرية، تنتج الاضطراب الأخلاقي. وهذا الاضطراب لا يترجم بطبيعة الحال، بنفس الطريقة في طبقات المجتمع المختلفة، ولا في عصور تطوره المختلفة. فقد سلف أن أشرت في غير هذا المكان، كيف أجاب أحد الشبان المسلمين من سكان (موريتانيا Mauritanie) عن سؤال وجهه إليه الضابط الفرنسي، والاستعماري اللامع المدعو (إرنست بسيكاري Ernest bsichari)، الذي لا يزال على معتقد ديني هش، والذي لم يعرف كيف يحتفظ بالعرفان المدين به للوسط (الموريتاني) الذي أتيح له أن يوجد في أفيائه، فقد حاول أن يضع الشاب المسلم الذي اتخذه دليلاً له في صحراء موريتانيا، أمام التفوق الصياغي الأكيد لأوربا، بغية وضعه في مأزق، يتوقع معه تصدعاً في عقيدة الشاب المسلم؛ ولكن هذا الأخير، من غير أن يفكر في إعداد أي حساب لرده، انفلت من ذلك المأزق مجيباً بكل بساطة:
((أنتم لكم الأرض، ونحن لنا السماء))! ..
وهذا النوع من التفكير يتيح لنا أن نأخذ بعين الاعتبار؛ أن الشاب المسلم قد انفلت في الوقت ذاته من المنافسة الأرضية، المتمثلة في الارتباط بالآخرين؛ ويبين لنا كذلك وبصورة حية، رد الفعل للإنسان الشعبي المسلم حوالي سنة ١٩١٢م. وحتى في تاريخ أقرب من هذا إلينا لم تكفَّ الأسباب التي يمكننا أن