فلو اتخذنا سنة ١٨٣٠ كنقطة بداية لتاريخ التطور الاجتماعي بفرنسا والجزائر، لرأينا أن التطور لم يسر في البلدين في نفس الاتجاه.
إننا نلاحظ أولا في بداية هذا التطور، أي عندما لم يكن النمو العلمي والصناعي قد أثر في الحياة الاجتماعية ولم يحدد بعد صورتها الجديدة، هنا نجد مستوى المعيشة للشعبين متساوياً. وربما وجدنا الشعب الجزائري يتمتع بيسر مادي أكثر من الشعب الفرنسي، حيث كان الإِنتاج الزراعي متوفراً نسبياً في الجزائر أكثر من فرنسا، كما تدل على ذلك: الصفقات التي عقدتها الحكومة الفرنسية في عهد ((الإدارة Directoire)) مع شركة تصدير جزائرية يديرها يهوديان، وكان الإِنتاج العقلي أوفر بفرنسا حيث كان الشعب الجزائري يتمتع بكل ما ينتج تراب خصب، والشعب الفرنسي يتمتع بكل ما تنتجه حضارة في قمة انطلاقها.
ولكن سرعان ما وضع الاستعمار يده على كل الثمرات التي ينتجها التراب الجزائري، والتي كانت تتيح العيش الرغد لكافة الشعب الجزائري، لأن تعاليم الإِسلام لا تترك عنده مجالا لفكر ((الطبقات)) ولظاهرتها، مع ما يتبعها من نتائج متناقضة، تلك المناقضات التي شوهت المجتمع الغربي، حيث كان، ولا يزال أحياناً، يجمع بين الرفاهية المفرطة والبؤس، بين الإنتاج الزائد عن الحاجات والنقص الفظيع في الغذاء.
والاستعمار يحاول طبعاً تفسير كل الثمرات التي تنتجها الأرض الجزائرية على أنها ثمار جهده وعبقريته، فهو في هذا ينطبق عليه معنى المثل الشعبي، حين حاول ((تغطية الشمس بالغربال)).
ومهما يكن، فقد كان في استطاعة الشعب الجزائري سنة ١٨٣٠، على الأقل أن يقتفي خطوات الشعب الفرنسي، عبر قرن البخار والكهرباء.
بينما نرى في نهاية الأمر، أن الشعب الفرنسي يصل وحده إلى عتبة العهد