فهل نتصور النظر، منظر هؤلاء اليهوديات من الواحات الجنوبية بالجزائر، إِذا ما نزلن بتل أبيب وعليهن ملامح نساء تلك الواحات، أي في عيونهن الكحل، وفي أرجلهن ((البلغة)) وعلى رؤوسهن الملاءة اللف؟
إننا نتصور لا شك ((الثورة)) التي كانت تحدث بتل أبيب لو حدث في شوارعها هذا المنظر ... ورأته المهاجرات، الأخريات اللواتي ينزلن من انجلترا ومن ألمانيا ...
ولكن القيادة اليهودية أدركت هذا، وقد اتخذت الإجراءات اللازمة كي لا تحدث مثل هذه ((الثورة)) ...
ولا شك أن القارئ المسلم، إذا كان من سكان العاصمة يتذكر ذلك الضجيج الملون الذي كان يسود حول تلك البناية الضخمة، بشارع باب عزون، حيث كنا نشاهد، عندما يأتي قطار الجنوب، بيهوديات يعبرن الباب ويدخلن في تلك البناية في صورة ((بلديات)) الواحات الصحراوية، ثم نشاهد، بعد أسبوع، يهوديات يخرجن من ذلك المبنى في صورة ((المواطانات)) المتأهبات إلى الباخرة التي ستنقلهن إلى إسرائيل.
ومن يشاهد هذا المنظر يندهش من سرعة التغيير الذي حدث في صورة هؤلاء النسوة، اللائي تركن بسرعة البرق ((البلغة)) كي يلبسن الحذاء الأنيق، وتركن ((الملحفة)) (١) كي يرتدين ((الفستان)) وتركن زجاجة الكحل كي يتزودن بأدوات التجميل العصرية ....
ولا يشاهد المسلم هؤلاء اليهوديات قد تركن الأشياء القديمة فحسب، بل يرى أنهن انسجمن مع الأشياء الجديدة، كان الملقن الذي أشرف على هذا التغيير، أو الملقنة التي أشرفت عليه، لم ينسيا كلاهما أي تفصيل في تكييف اليهودية كي تصير ((مواطنة)) في إسرائيل حتى في كيفية المشي برشاقة ... وكيفية الابتسام بأناقة ...