للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[موقف عتاة النصارى من نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم]]

قال:" وإذ قد فرغنا من الكلام في النبوة والنبي، وشروطه التي يجب امتحانه بها بحيث إن وجدت فيه صدّق، وإن اختلت فيه أو بعضها كذّب. فإنا وجدنا الرجل المسمى: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ادعى النبوة في أمة من العرب «١» فالتمس منه الشرط الأول وهو الصدق. فوجدنا ما جاء به يشتمل على صنفين: صادق وكاذب- كما سنبين-".

قلت: هذه دعوى مجردة عن حجة، فإذا ذكر الحجة قوبلت بحسب ما ينبغي «٢».

قال: وليس كون الصدق بحال كذب «٣» المتكلم موجبا لحسن الظن به، بل


(١) قلت: هو بهذا القول يخالف قول جمهور النصارى: أن محمدا صلّى الله عليه وسلم رسول إلى العرب خاصة.
مستدلين ببعض آيات القرآن الكريم كقوله تعالى في سورة الجمعة: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ ... الآية وغيرها مما ظنوه دليلا لهم على أنهم غير مكلفين بالإيمان به واتباعه وليس كذلك. كما ورد في رسالة بولص الراهب التي وردت من قبرص إلى ابن تيمية- رحمه الله- فرد عليها بكتابه النفيس:" الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح" والأخرى التي وردت إلى الإمام القرافي- رحمه الله- فرد عليها بكتابه الجليل:" الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة" فجمهور النصارى لا ينكرون نبوة محمد صلّى الله عليه وسلم لكن يرون أنه رسول في العرب فقط. أما هذا النصراني فهو ينكر نبوته صلّى الله عليه وسلم ويقول انه مدع للنبوة وليس نبيا وهذا دليل على خبثه وعناده.
(٢) قلت: لم يجب الطوفي عن هذا. والأولى أن نقول للنصراني: كيف يكون محمد صلّى الله عليه وسلم صادقا وكاذبا في آن واحد؟ هذا لا يعقل. وأنت أيها الخصم إذا قلت إن بعض كلامه صدق فيلزمك الإيمان به. وعند ذلك فلا حجة لك على ما تدعيه فيما تراه في نظرك أنه كذب لعدم اجتماع الأمرين معا في وقت واحد، واستدلالك بالقرآن الذي أتى به وتراه صدقا يلزمك أن تصدقه في الباقي.
(٣) في (أ): الصدق بحال كذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>