للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلا لو قال لقوم: أنا رسول فلان الملك إليكم، ودليل صدقي أنه يخرق عادته الفلانية لأجلي. مثل أن يقوم عن سريره، أو ينزل عن مركب فيمشي لأجلي،/ أو ينزع تاجه فيجعله على رأسي. فوجد ذلك من الملك. دل على صدق مدعي الرسالة.

وهذا إنما يحتج به على منكري النبوات. أما اليهود والنصارى فيسلمون أن ظهور المعجز يدل على صدق المدعي، وإنما ينازعونا في وجود المعجز. وقد أثبتناه.

[الحجة الثانية]

أن محمدا- عليه السلام- إما ملك ما حق، أو نبي صادق، لكنه ليس ملكا ما حقا فهو نبي صادق. وإنما قلنا إنه إما ملك أو نبي، لأنه لا قائل بقول ثالث إذ الخصم يدعي أنه كان ملكا ذا سيف «١» أقام ناموسه بسيفه، ونحن نقول: كان نبيا صادقا مؤيدا من الله تعالى، فقام ناموسه بالتأييد الإلهي، وإنما قلنا: إنه ليس ملكا كما زعمتم، بل نبي صادق. لأنا علمنا بالاستقراء التام، والتواتر القاطع: أن ملكا من ملوك الدنيا لم يبق ناموسه بعده، بل يتغير بموته. وإنما تبقى نواميس الأنبياء بعدهم، ثم رأينا ناموس محمد باقيا بعده قريب ألف سنة «٢»، فعلمنا أنه من الأنبياء لا من الملوك.


(١) في (أ): ملكا والسيف أقام ....
(٢) هذا على المبالغة في زمن الطوفي، وها هو ناموس محمد- صلى الله عليه وسلم- اليوم ما يزال قائما والحمد لله وسيبقى إلى قيام الساعة: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [سورة الحجر: ٩]،" ولا تزال طائفة من أمته- صلى الله عليه وسلم- ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم إلى قيام الساعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>