للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عنه: أما قصة إلقاء الشيطان على لسانه. ما ذكر في سورة النجم فقد استفاض نقلها بين الأمة، ورواها الثقات «١» ويدل على صحتها ما رواه


(١) أخرجها ابن سعد في الطبقات ١/ ٢٠٥، وابن أبي حاتم والبزار" وقال لا نعلمه" [الشفاء ٢/ ١٠٨] وابن المنذر وابن مردويه والنحاس وابن إسحاق في السيرة وأبو معشر في سيرته. [فتح الباري ٨/ ٤٣٩] وابن جرير في تفسيره (١٧/ ١٨٦ - ١٩٠) بطرق متعددة، بعضها موصولة وأكثرها مرسلة، وابن كثير في تفسيره (٣/ ٢٢٩) وقد صحح هذه القصة الطوفي- رحمه الله- وغيره من العلماء ولكن اختلف الناس في صحتها على قولين.
قال ابن تيمية- رحمه الله- في الجواب الصحيح (١/ ١٧٩) عن هذه القصة:" هذا فيه قولان للناس منهم من يمنع ذلك ... وطعن في وقوع ذلك. ومن هؤلاء من قال: إنهم سمعوا ما لم يقله فكان الخطأ في سمعهم والشيطان ألقى في سمعهم. ومن جوز ذلك قال: إذا حصل البيان ونسخ ما ألقى الشيطان لم يكن في ذلك محذور ... " اهـ وقال ابن حجر بعد أن أورد أقوال العلماء فيها وطرقها في الفتح (٨/ ٤٣٩ - ٤٤٠):" وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمراسيل وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض. وإذا تقرر ذلك تعين تأويل ما وقع منها مما يستنكر وهو قوله:" ألقى الشيطان على لسانه" تلك الغرانيق ... " فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره لأنه يستحيل عليه- صلى الله عليه وسلم- أن يزيد في القرآن عمدا ما ليس منه، وكذا سهوا إذا كان مغايرا لما جاء به من التوحيد لمكان عصمته" اهـ. وقال ابن عطية:" وهذا الحديث الذي فيه الغرانيق العلى وقع في كتب التفسير ونحوها، ولم يدخله البخاري ولا مسلم، ولا ذكره في علمي مصنف مشهور بل يقتضي مذهب أهل الحديث أن الشيطان ألقى، ولا يعنون هذا السبب ولا غيره، ولا خلاف أن إلقاء الشيطان إنما هو لألفاظ مسموعة، بها وقعت الفتنة" اهـ[تفسير القرطبي ١٢/ ٨١].
وقال القاضي عياض في الشفاء (٢/ ١٠٧):" ... هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب-

<<  <  ج: ص:  >  >>