للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالبكاء والعذاب في هذا ليس بينهما ارتباط سببي، بل هو اتفاقي اتفق أن بكاءهم عليها صادف وقت تعذيبها. هذا على أن لحديث ابن عمر وجها صحيحا في التأويل، وهو أنه محمول على من وصى أن يناح عليه «١»، أو علم من أهله أنهم ينوحون عليه فلم ينههم، وكان ذلك عادة العرب، وزجرهم عليها «٢» بهذا، لأن النوح على الميت يدل على التسخط بقضاء الله- سبحانه- فيكون الميت والحالة هذه متسببا إلى إيقاعه بوصيته به وإقراره عليه، والعذاب يترتب على التسبب كما يترتب على المباشرة، وقد قررت هذا الحكم في القواعد «٣».

ومنها: حديث عائشة أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر فسألت عائشة النبي صلّى الله عليه وسلّم عن عذاب القبر، فقال لهم: «عذاب القبر حق» قالت عائشة:

" فما رأيت النبي [صلى الله عليه وسلم] «٤» بعد «٥» صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر" «٦».


(١) هذا قول الجمهور [انظر شرح صحيح مسلم للنووي ٦/ ٢٢٨، وإثبات عذاب القبر للبيهقي ص ٩١].
(٢) في (ش)، (م):" فزجرهم عنها بهذا".
(٣) هذه المسألة تحدث عنها الإمام النووي رحمه الله في رياض الصالحين باب جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة. وابن حجر رحمه الله في فتح الباري ٣/ ١٥٢ وما بعدها. ولم أجد كتاب الطوفي لأعرف موضع هذه المسألة منه.
(٤) " صلى الله عليه وسلم" ليست في النسخ الثلاث. وهي من ألفاظ الحديث في مظانه.
(٥) بعد: ساقطة من (أ).
(٦) أخرجه البخاري بألفاظ مختلفة في كتاب الكسوف، باب التعوذ من عذاب القبر، وباب صلاة الكسوف في المسجد، وفي كتاب الجنائز باب ما جاء في عذاب القبر ... ، وفي كتاب الدعوات باب التعوذ من عذاب القبر، وأخرجه مسلم، في كتاب المساجد، باب استحباب التعوذ من عذاب القبر، من طرق بألفاظ مختلفة. وأخرجه النسائي في كتاب السهو، باب التعوذ في الصلاة. وأحمد في المسند (٦/ ١٧٤) ولفظ أحمد أقرب الألفاظ لهذا اللفظ الذي ذكر المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>