وأجيب عن أدلتهم: بأن شرع من قبلنا إنما يلزمنا إذا علمناه من قبل نبينا- عليه السلام- بوحي، ولا يلزم مراجعة كتبهم لأنها لم تصل إلينا بسند مقطوع به كحال شريعتنا، ثم إن القرآن دل على اتباع الشرائع المتقدمة. والصواب: أن كل ما ذكر من شرع في شريعتنا مما كان شرعا لهم هو شرع لنا لأنه ورد في شرعنا، لا لأنه شرع لهم وهذا هو ما عليه الجمهور. والله أعلم. [انظر شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول للقرافي ص ٢٩٥ - ٣٠٠، وتفسير القاسمي ٦/ ٢١٩، وأضواء البيان للشنقيطي ٢/ ٦٣ وما بعدها]. (١) نازع في النسخ اليهود والنصارى فيقال لهم: هل كان قبل نزول التوراة شرع أم لا؟ فإن جحدوا كذبوا بما فيها من الإخبار بذلك. وإن أقروا قلنا لهم: هل أتت بزيادة على تلك الشرائع أم لا؟ فإن لم تكن أتت بزيادة فقد صارت عبثا ولم تغن شيئا ... فلا تكون من عند الله، وهذا كفر ... وإن أتت بزيادة فهل في الزيادة تحريم ما كان مباحا أم لا؟ فإن أنكروا ذلك بطل قولهم من وجهين: أحدهما: أن التوراة حرمت الأعمال الصناعية يوم السبت بعد أن كان ذلك مباحا، وهذا بعينه النسخ. وثانيهما: أنه لا معنى للزيادة في الشرع إلا تحريم ما تقدمت إباحته أو إباحة ما تقدم تحريمه. هذا بالنسبة لليهود. أما النصارى فإن عامة علمائهم فضلا عن عامتهم لا يعرفون ما نسخه الإنجيل من شريعة التوراة مما أقره، مع اتفاقهم على أن المسيح لم ينسخها كلها، ولم يقرها كلها، بل أخبر أنه إنما جاء ليتمها لا ليبطلها، وقد أحل بعض ما حرم فيها كالعمل في السبت. [انظر افحام اليهود ص ٨٦ - ١٠٢، والجواب الصحيح ٣/ ٢٢٧، والأجوبة الفاخرة ص ٢٦٦ - ٢٧١] ومن كتب الأصول التي تحدثت عن النسخ وجوازه: المغني للخبازي ص ٢٥٠ وما بعدها، وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص ٣٠١ وما بعدها وقد أجاد القرافي رحمه الله في بيان المقصود الذي يريده الطوفي هنا ويتصل بهذا الموضوع.