للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما من غير نسله بأن يخلق الله له مثل حواء فلجواز أن حواء كانت تكفيه فلم يحتج إلى غيرها، لأنها خلقت في الجنة. وقد ملأ الله من نسلهما الدنيا مفردين فلو كان له غيرها لما وسعتهم الأرض.

فإن قيل: كيف تمنعون آدم من نكاح بناته وقد زوجه الله حواء، وهي/ خلقت من ذاته من ضلعه.

قلنا: لأن بناته منه على جهة الولادة، وحواء ليست على جهة الولادة وقد فرقتم أنتم بين آدم وحواء والمسيح بهذا بعينه، فقلتم: المسيح خرج من رحم فكان ابن الله، بخلاف حواء وآدم «١».

قوله:" خلقت من ضلعه ليتبين بذلك تأبيد الصحبة «٢» بينهما كتأبيدها بين أعضاء الجسد".

قلنا: ليس ذلك لهذه العلة بل لما ذكر في القرآن من قوله تعالى: ومِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً ورَحْمَةً ... (٢١) «٣» وهذا لا يقتضي تأبيد الصحبة، وترك الرجل أباه وأمه، ولزوم زوجته لا يقتضي أيضا ذلك، بل سببه المودة والرحمة بينهما، وذلك مشترك بين المرأة الواحدة والزوجات «٤».


(١) " بخلاف حواء وآدم" ليست في (م)، (ش).
(٢) في (أ): الضحية.
(٣) سورة الروم، آية: ٢١.
(٤) قلت: والمودة والرحمة قد لا تدوم بين الزوج وزوجته أو زوجاته. وعند ذلك تسوء معيشتهما فلا يطيقا الاستمرار في حياتهما الزوجية. وهذا متفق عليه بين العقلاء. وهذا يرد قول النصراني بتأبيد الصحبة بين الزوجين.

<<  <  ج: ص:  >  >>