للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحكى:" أن أبا مسلم الخراساني «١» كان لا يأتي النساء في/ السنة أكثر من مرة. ويقول: هذا جنون. فأكثر من مرة لا يكون «٢» ".

قلت: ويغلب على ظني أنه قد كان به علة مانعة، أو فكرة شاغلة.

فإن قيل: فمحمد كان أولى بهذا التماسك من أبي مسلم لفضيلة منصب النبوة وفكرته في الجهاد، وإقامة الدين، وكمال معرفته بأحكام الآخرة.

قلنا: كذلك كان، ولهذا قالت عائشة: كان أملككم لإربه «٣» " لكنه لو بالغ في التماسك عن هذه الشهوة لشق على أمته التأسي به. فإنه كان يطيق ما لا يطيقون


(١) اختلف في اسمه ونسبه، ويقال: إنه سمى نفسه عبد الرحمن، واشتهر بعبد الرحمن بن مسلم الخرساني وهو صاحب الدعوة للعباسيين، ابتدأ دعوته من مرو، وكان يدعو إلى رجل من بني هاشم غير معين ثم أظهرها ... وخطب باسم السفاح العباسي عند ما استولى على نيسابور، ثم سير جيشا لمقاتلة مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية ... فانهزمت جيوش مروان فصفا الجو للسفاح حتى مات، وخلفه أخوه المنصور فرأى من أبي مسلم ما أخافه أن يطمع في الملك، وكانت بينهما ضغينة فقتله سنة سبع وثلاثين ومائة. [انظر تاريخ بغداد ١٠/ ٢٠٧ - ٢١١، وشذرات الذهب ١/ ١٧٩ - ١٨١].
(٢) انظر وفيات الأعيان ٣/ ١٤٨.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الصيام، باب المباشرة للصائم، ومسلم في الصيام باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة ... ، حديث ٦٦، ٦٨، والترمذي في الصوم، باب ما جاء في مباشرة الصائم، وابن ماجه في الصيام، باب ما جاء في المباشرة للصائم (٢٠)، ومالك في الموطأ كتاب الصيام، باب ما جاء في الرخصة في القبلة للصائم، وأحمد في عدة مواضع في المسند منها (٦/ ٤٠، ٤٢، ١١٣). ومعنى أملككم لاربه: أي حاجته أو عضوه. [انظر فتح الباري ٤/ ١٥١، وغريب الحديث للخطابي ٢/ ٢٧٠، ٤٨٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>