للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال:" ولأنها مضادة لأنواع السرور الروحانية العلية، فهي تصرف النفس بالكلية عنها، إذ يفسد ذوق القلب، فلا يستطيب شيئا من الخير، كما في العكس، وهو أن الذين يستطيبون الأمور الروحانية الأزلية لا يستطيبون اللذات الجسدانية بل يكرهونها ويهربون عنها".

قلت: أما قوله:" إنها مضادة للروحانيات" فباطل بالأنبياء، إذ هم أعظم البشر روحانية، وكانوا يستعملون هذه اللذة، وكل ما ذكره في هذا الفصل باطل والحق خلافه، بل هذه اللذة إذا استعملت على الوجه الحلال قصدا لا إفراط «١» ولا تفريط، وقصد بها اعفاف الدين وتحصين الدّين والفرج والتفرغ من قلق الشبق، لطاعة الباري في النهار والغسق «٢»، كانت أفضل من عبادات كثيرة.

ولهذا قال بعض علماء المسلمين:" إن التشاغل" بالنكاح أفضل من التخلي/ لنوافل العبادة، حسما لمادة فساد الدين بالزنا ونحوه «٣» ".

وأما ترجيح الروحانيات عند أصحابها، فلأنهم لا يحصلونها إلا بعد قهر


(١) في (أ): لافراط.
(٢) الغسق: الليل المظلم، يقال: غسق الليل يغسق: أي أظلم.
[انظر تفسير القرطبي ٢٠/ ٢٥٦، والمفردات في غريب القرآن ص ٣٦٠].
(٣) هذا مذهب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي وبعض أصحاب مالك. [انظر شرح صحيح مسلم للإمام النووي ٩/ ١٧٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>