للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: بل ينبغي أن تمان «١» المرأة ذات العيب لأجل الضرورة ولا تفارق لأن أحد المتعاهدين إذا فارق صاحبه حال المرض والضرورة عدّ قاسيا خائنا".

قلت: أما الطلاق فجائز بإجماع المسلمين، وقد تقدم البحث معه فيه «٢»، وأن النكاح عقد معاوضة في الحقيقة فجاز فسخه كالبيع، نعم جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم «أبغض المباح إلى الله الطلاق» «٣» وعليه اشكال، وهو أن البغضة تقتضي الكراهة والإباحة تقتضي التسوية، فالجمع بينهما متعذر.

وأجيب: بأن المباح قد يراد به تساوى الطرفين وقد يراد به القدر المشترك بين المتساوي الطرفين وراجح الترك وراجح من غير جزم وبهذا يستقيم معنى الحديث، لأنه يصير تقديره: أبغض ما للإنسان فعله: الطلاق. وهو أعم من المتساوي وغيره «٤».


(١) تمان: أى يقام عليها. [انظر لسان العرب ١٣/ ٣٩٦].
(٢) انظر ص: ٦٢٦ من هذا الكتاب.
(٣) أخرجه أبو داود في الطلاق، باب كراهية الطلاق، وابن ماجة في الطلاق الباب الأول منه. وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/ ٦٣٨):" هذا حديث لا يصح" وقيل إنه مرسل [المقاصد الحسنة ص ١٢] وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الطلاق ٢/ ١٩٦ بلفظ:" ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق" وقال: هذا حديث صحيح الإسناد لم يخرجاه" وقال الذهبي في التلخيص بهامش المستدرك:" صحيح على شرط مسلم".
(٤) قلت: لعل الكراهة في الحديث منصرفة إلى السبب الجالب للطلاق، وهو سوء العشرة، وقلة الموافقة لا إلى نفس الطلاق، فقد أباح الله الطلاق وثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه" طلق حفصة ثم راجعها" [رواه أبو داود في الطلاق، باب في الرجعة]، وكانت لابن عمر امرأة يحبها وأبوه يكرهها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم-:" يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك" [أخرجه الترمذي في الطلاق باب ما جاء في الرجل يسأله أبوه أن يطلق زوجته]. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>