للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما فائدة الشرع إلا كف الطباع عن الشر الذي جبلت عليه- وهذا منه- فإن غلبتهم النفوس/ على البغضاء والحقد بالطبع كان ذلك مراغمة للشرع فيعصي فاعله ولا يكون بفعله اعتبار، كما أنه لما حرم أخذ المال بغير حق كان فعل قطاع الطريق ونحوهم إثما عليهم يستحقون به العقوبة، وهو ساقط الاعتبار، لا يفيد ملكا ولا يجيز تصرفا، وتصرفات الطبائع لا يلزم موافقتها للشرائع، فما وافق الشرع منها كان حقا كالنكاح، وما خالفه كان باطلا كالسفاح ثم هذا معارض بأن الطلاق إن كان يفضي إلى التباغض فلزوم النكاح أبدا والحبس على زوجة واحدة يفضي إلى تكره كل منهما بالآخر وتبرمه به، وتضجره منه، وقل أن يطيب مع ذلك عيش لبهيمتين، فضلا عن إنسانين فتدوم المفسدة، وربما انتفى لذلك مقصود النكاح، وربما أفضى إلى مفارقة الدين.

كما حكي أن بعض النصارى تزوج امرأة فلما دخلت عليه رآها عوراء فقال: عورتا، قالت: بلستا «١». قال:" محمد بن عبد الله" على الباب، ثم خرج فأسلم.

فحجز الدين ما بينهما «٢»، فلو كان في دين النصارى فسحة في الطلاق


(١) هكذا في (م)، وفي (أ): بلشتا. والإبلاس: الانكسار والانقطاع والسكوت، يقال: أبلس فلان إذا سكت غما. [انظر مختار الصحاح ص ٦٣، والمصباح المنير ١/ ٧٦، ولسان العرب ٦/ ٣٠].
(٢) قلت: لا يحجز الدين بين المسلم والكتابية بل يجوز للمسلم أن يتزوج النصرانية بالعقد الصحيح. إلا أن يكون مراد المؤلف أنه أسلم فطلق فحصل الطلاق بخروجه من دين النصارى الذين يحرمون الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>