للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال:" وأيضا ما أشد ما يكون ظلم النساء بوقوع الطلاق عليهن بلا ذنب".

قلت: هذه غفلة عن الصواب. فإن الطلاق فسخ عقد معاملة لا إيقاع معاقبة، وإنما يكون ظلما إيقاع العقوبة بلا ذنب، ولو كان الطلاق عقوبة/ لوجب أنها إذا زنت ونجست فراشه تكون استدامة نكاحها أفضل في حقه، للإجماع من عقلاء العالم، على «١» أن الحلم عن الذنب أفضل من العقوبة عليه، وهذا لا يقول به عاقل، اللهم إلا أن تكون رياضة النفوس قد بلغت بالنصارى إلى رتبة القيادة، والصبر على الدياثة «٢». فقد قال بعض الحكماء: إن أربعا من الأمم أكثروا «٣» من أكل أربع، فأورثتهم أربعا: فالترك/ أكثروا من لحم الخيل فأورثهم القوة والقسوة، والعرب أكثروا من لحم الإبل فأورثهم الحقد والكرم، والحبشة أكثروا من لحم القردة فأورثهم الرفض «٤»، والنصارى أكثروا من لحم الخنزير فأورثهم الدياثة وعدم الغيرة «٥».


(١) على: سقطت من (م).
(٢) القيادة: المطاوعة في الدياثة، والدياثة: هي أن يرى الرجل العار فى امرأته وقريباته. ومنه ما أخرجه أحمد- رحمه الله- في مواضع من المسند عن عبد الله بن عمر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:" ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث" [انظر المسند (١/ ٦٩، ١٢٨)].
(٣) في (أ): أكثر.
(٤) الرفض: الترك والتفرق. [انظر لسان العرب ٧/ ١٥٦].
(٥) لم أقف على قائل هذا القول فيما اطلعت عليه من المراجع مثل: الحيوان للجاحظ، وحياة الحيوان للدميري، وعجائب المخلوقات والحيوانات للقزويني.

<<  <  ج: ص:  >  >>