للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما تضمنه دين النصارى من العقوبات «١» الدنيوية فهو إما متناول من التوراة أو من جهة علمائهم على جهة السياسة، بناء على قول المسيح:

" ما حللتموه في الأرض فهو محلول في السماء، وما ربطتموه في الأرض فهو مربوط في السماء «٢» ".

مع أن دين الإسلام مبني على إيثار الستر والإغضاء «٣» ومكارم الأخلاق، لطفا من الله بخلقه، ولولا ما في المعاصي ذوات الحدود من المفاسد الدنيوية لما شرع فيها حد «٤»./

والجواب عن هذا السؤال ذكرته مبسوطا في القواعد الدمشقية وإنما أشرت إليه هنا إشارة.


(١) في (م): من الأحكام.
(٢) انظر انجيل متى الأصحاح السادس عشر.
(٣) الإغضاء: ادناء الجفون، ثم استعمل في الحلم، فقيل أغضى على القذى: إذا أمسك عفوا عنه.
[انظر مختار الصحاح ص ٤٧٦، والمصباح المنير ٢/ ٥٣٧].
(٤) قلت: ويمكن أن يرد عليه من وجه آخر، وهو أن هذا هو حكم التوراة في مثل هذا وقد اعترف اليهود بذلك فيما أخرجه أبو داود في كتاب الحدود، باب في رجم اليهوديين عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- قال: جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا، فقال:" ائتوني بأعلم رجلين منكم" فأتوا بابني صوريا، فنشدهما" كيف تجدان أمر هذين في التوراة؟ " قالا: نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما، قال:" فما يمنعكما أن ترجموهما؟ " قالا ذهب سلطاننا فكرهنا القتل فدعا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالشهود، فجاءوا بأربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة، فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- برجمهما" وهذا يدل على جهل النصراني بأحكام كتابهم الذي أمروا بتحكيمه. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>