للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله:" وهم مع ذلك يزعمون: أنه يجري من ابن آدم مجرى الدم".

قلنا: نعم ولذلك توجيهان:

أحدهما:/ أن الشياطين كثيرة فالذي يجري من ابن آدم مجرى الدم هو قرينه الملازم له، كما سبق في قوله- عليه السلام-:" ما منكم أحد إلا معه شيطان «١» ".

والذي تطلع الشمس بين قرينه شيطان آخر أكبر منه، فإن جنود إبليس كثيرون على أنواع وصفات مختلفة بينهم في أشغاله ومهامه، ولا يمتنع أنه يبعث بعض سحرة الشياطين العظيمي الخلقة أو غيرهم، فيقارن الشمس ويزينها في أعين الكفار بزينة صنم أو آلهة على جهة الشعبذة والتخييل فيسجدون لها لزينتها في أعينهم فإنا قد علمنا في بني آدم من يأتي من التخييلات بما لا يشك الرائي في ثبوته في الأعيان، وهو سيماء «٢» وتخييل، لا حقيقة له في الخارج، وإنما هي خيالات ذهنية تغلب وتقوى وتستولي حتى تغلب الأحكام الخارجية، فيبقى الإنسان كأنه نائم يقظان، وقد علم هذا بفعل سحرة فرعون حيث خيلوا أن حبالهم حيات تسعى.

الوجه الثاني: أن مادة الشيطان لطيفة، وقد جعل له من القابلية، والقوة ما أنه/ يتشكل في أشكال مختلفة ويتصور في صور متباينة، فإن سلمنا أن الشيطان المقارن للشمس هو الجاري من ابن آدم مجرى الدم وأنه كبير عظيم هائل الخلقة،


(١) سبق تخريجه في هامش ص: ٤٣٢ من هذا الكتاب.
(٢) السيماء أو السيمياء مثل الكيمياء وهو علم ظني معروف [لسان العرب ١٢/ ٥٣٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>