للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجاز «١» عندي في هذا الحديث ظاهر غالب، فلا يتوقف في تأويله إلا جامد «٢».

وتحقيق الكلام في هذا المقام: أن النصوص في الصفات من حيث السند على ثلاث طبقات: صحيح مجمع على صحته بين أهل النقل، وضعيف متفق على ضعفه، ومختلف في صحته.


- فقرب الرحمة من العباد معناه أنه سبحانه قريب بذاته وصفته، كما أنه سبحانه ينزل في الثلث الأخير من الليل، ويدنو من أهل عرفة عشية عرفة، وكل ذلك على ما يليق به سبحانه وتعالى ولا يلزم منه خلو عرشه سبحانه، ولا اتحاده بهم ولا مخالطته لهم ولا يعلو شيء من المخلوقات عليه بل مع نزوله أو قربه لا ينفك عن كمال علوه ومعلوم أنه لا يلزم في حق الرب وصفاته ما يلزم في حق العباد بصفاتهم، ومثال الطوفي غير مسلم فلا يلزم من قولنا: فلان قريب من السلطان: تقارب القلوب، وتقارب القلوب مما لا يظهر لنا نحن المخلوقين لكن إذا قلنا: فلان قريب من السلطان فإنه يتبادر إلى الأذهان تقارب الذوات، والله قريب من العبد المؤمن بلطفه وإحسانه ورحمته وذاته على ما يليق به سبحانه.
[انظر للاستزادة: مختصر الصواعق المرسلة ٢/ ٢٦٥ - ٢٧٣، ومجموع فتاوى ابن تيمية ٥/ ٢٢٦ - ٥١٣].
(١) فى (م): المختار.
(٢) هذا بناء على ظن أن التقرب والهرولة قطع المسافة كما هو الحال في حق المخلوقين، والحديث يدل بظاهره على تقرب الله من عبده الصالح ليس بقطع المسافة بدليل أنه ذكر مقابلة مشي العبد وتقربه بأنواع العبادة والقرب وليس ذلك بقطع المسافة إلى الله. فهو تعبير عن قرب الله إلى عبده وتقرب العبد إلى ربه فهو قريب سبحانه ممن تقرب إليه بالدعاء وغيره من الطاعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>