للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وجوب الاتباع والتحذير من الابتداع]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن اتبعت سبيلهم فموفق وإن ابتدعت فما عليك معول].

هذا يدل على أن من المهم أن يحرص الإنسان على اتباع السنة، فاتباع السنة ضرورة ومهمة، ومخالفة السنة هي من أعظم الأمور الخطيرة؛ ولهذا يعتبر أهل السنة هم أهل الحديث، وجاء عن الإمام أحمد في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين - وفي لفظ: منصورة - لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك)، قال: هم أهل الحديث، وقال: إن لم يكن هم أهل الحديث فلا أدري من هم.

ويقول بعضهم: الله أكبر في الدفاع سأبتدي وهو المعين على نجاح المقصد وهو الذي نصر النبي محمداً وسينصر المتتبعين لأحمد فسنة النبي صلى الله عليه وسلم تعتبر منارة عظيمة يجب على الإنسان أن يتبعها وينساق إليها، ومن الناس اليوم من يتبعون غيرهم: فالشيوعيون يتبعون ماركس ولينين وستالين وأنجلز، والعلمانيون يتبعون فولتير وروسو وغيرهم من أئمة الثورة الفرنسية، وكل فرقة تتبع متبوعاً لها، أما أهل السنة فإن متبوعهم هو أفضل إنسان وهو النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن العجائب أن الصوفية يدعون محبة النبي صلى الله عليه وسلم مع أنهم أبعد ما يكونون عن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في باب الاعتقاد وفي باب العمل، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل الدين احتفالات واجتماعات حول المقابر، وطوافاً بها وذبحاً لغير الله عز وجل، ولم يجعله شطحات، ولا طرباً ولارقصاً، ولم يجعله أكلاً للحيات وللعقارب كما تفعله الرفاعية والبكتاشية وغيرهم من الفرق الضالة، وإنما جعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدين جهداً وجهاداً ودعوة وإصلاحاً وقياماً للليل وصياماً للنهار، وسنته أوضح ما يكون، ولكنّ كثيراً من الناس يظنون أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم هي دعوة باللسان، فهناك رجل ألف كتاباً سماه (أحبك أحبك أحبك يا رسول الله) مع أن هذا الرجل من أكبر من ينشر الفساد في العالم، وعنده شركة تنشر الصحف والمجلات التي تناقض دين الرسول صلى الله عليه وسلم، وتنسف مبادئ الرسالة من أساسها ومن جذورها، وتغري الناس في الفاحشة، وتشجع الشباب والشابات على العلاقات المحرمة، ومع هذا يقول: أحبك أحبك أحبك يا رسول الله.

إذاً: هؤلاء يفهمون الدين بطريقة عبثية، وبطريقة بعيدة كل البعد عن المنهاج الصحيح، فليس كل من قال: أحب الرسول صلى الله عليه وسلم يكون صادقاً في محبته؛ لأن الصادق في المحبة هو المتبع، يقول: أحبك يا رسول الله، ثم ينشر كتاباً يفسد دين الرسول، ويجعل دين الرسول محفوظاً في المسجد، ويمنع الجهاد في سبيل الله، ويتهم أهل السنة ومن يتابع النبي صلى الله عليه وسلم بالتطرف والإرهاب وغيرها من الشعارات الخبيثة، وربما يكون حقيقة حال هذا الإنسان من حيث العمل أن اقتداءه بـ فولتير أكثر من اقتدائه بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يعتبر أن فولتير هو إمام الحرية في هذا الزمان، ويعتقد أن من الحرية هذا العبث الشهواني الذي يشتغل فيه.

إن كثيراً من الناس -مع الأسف- أصبح التصوف بالنسبة له هو محاولة تفريغ شحنة إيمانية في قلبه، يعني: قد يصلي معك وتجد آثار السجود في وجهه، ومسبحته طويلة، ومع ذلك تجد أن أمواله في البنوك الربوية ويأخذ عليها الربا، وبناته كاشفات الوجوه والشعور، وربما يلعبن بالدبابات البحرية في البحر (بالمايوه) والملابس البحرية، وربما يكون بيته مليئاً بالأفلام الجنسية، وربما لا يرجو لله وقاراً في أمر من هذه الأمور، ويظن أنه بمجرد أنه جاء إلى الصف الأول، وأنه سبح بهذه المسبحة الطويلة بالطريقة الصوفية أنه على خير وعلى حق.

ومن هؤلاء من يأتي يوم الجمعة إلى المسجد يسجد على خده الأيسر، ويقول: اللهم صل وسلم على نبينا محمد ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف ألف ويظل يردد: ألف ألف ألف ألف ألف ألف أكثر من ساعة ثم يتحول على الخد الثاني بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب.

وهذا لا شك أنه شيء مستغرب؛ لأنه لم يرد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أحداً من الصحابة أن يعمل هذا العمل، نعم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال، حتى لو صلى الإنسان آلاف المرات، له بكل صلاة يصليها أجور عظيمة، لكن الخطأ في هذه الطريقة التي اعتمدها، هذا أولاً.

ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم تقتضي العمل، والله عز وجل يقول: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:٣١].

<<  <  ج: ص:  >  >>