القاعدة الثانية: إثبات ما أثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه من الصفات، ونفي ما نفاه الله سبحانه وتعالى عن نفسه من الصفات، وهذا يدل على أن الصفات تنقسم إلى قسمين: صفات ثبوتية، وصفات سلبية.
الصفات الثبوتية: ما أثبته الله لنفسه من الصفات مثل: العلم والحياة والعزة والرحمة والإرادة والسمع والبصر وهذه كلها صفات ثبوتية؛ لأن الله أثبتها لنفسه.
الصفات السلبية: معناها الصفات المنفية التي نفاها الله عن نفسه مثل: النوم والنعاس كما قال الله عز وجل: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}[البقرة:٢٥٥].
ونفى عن نفسه الجهل، قال:{وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ}[يونس:٦١].
ونفى عن نفسه المثيل والشبيه فقال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:١١].
ونفى عن نفسه الكفؤ والند فقال:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص:٤]، وقال:{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة:٢٢].
وكل ذلك يعتبر من الصفات السلبية التي نفاها الله سبحانه وتعالى عن نفسه، وهناك قاعدة تتعلق بالصفات السلبية وهي أن الصفات المنفية لا بد أن تتضمن كمال الضد، فإذا نفى الله سبحانه وتعالى عن نفسه النوم والسنة؛ فلأنه سبحانه وتعالى كامل في قيوميته وكامل في حياته، وإذا نفى عن نفسه عزوب مثقال ذرة في السماوات والأرض، فلكمال علمه سبحانه وتعالى، ونفى عن نفسه الكفؤ والند والمثيل؛ لأنه لا سمي له كما قال الله عز وجل:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم:٦٥]، وهذا استفهام إنكاري يتضمن النفي، أي: سمي لله عز وجل، وأما النفي المجرد فإنه لا فائدة منه، وهو نفي محض لا قيمة له ولا فائدة، وإنما الفائدة في المعنى الثبوتي الذي يتضمنه كمال الضد.
وتوجد قاعدة أخرى تتعلق بالصفات السلبية، وهي أن هذا النفي جاء في القرآن والسنة نفياً مجملاً، وذلك أن النفي المفصل لا يقتضي المدح ولا يقتضي الكمال، فأنت عندما تأتي إلى حاكم أو إلى أمير وتريد أن تمدحه فلا تفصل له في النفي، فلا تقل: أنت لست مجنوناً ولا أحمق ولا أهبل ولا قبيحاً ولا سيء الخلق، وهكذا وإنما تنفي عنه نفياً مجملاً وتمدحه بالأشياء التفصيلية، وهذا أمر معروف في واقع الحياة، ولهذا جاءت النصوص الشرعية بالنفي المجمل العام والإثبات التفصيلي؛ لأن هذا هو مقتضى الكمال ومقتضى إثبات الثناء لله سبحانه وتعالى، ولهذا خالف هذه الطريقة أهل الكلام فنفوا عن الله عز وجل الصفات غير اللائقة به نفياً تفصيلياً، وأثبتوا لله عز وجل إثباتاً مجملاً، فعكسوا طريقة القرآن.
ولا شك أن هذا يدل على الضلال والانحراف في العقيدة.