للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فتنة خلق القرآن وثبات الإمام أحمد فيها]

انكسرت شوكة المعتزلة في زمن الإمام أحمد وظهرت السنة ولله الحمد، وحصلت فتنة مشهورة في زمن المأمون تزعم فيها المأمون القول: بخلق القرآن، وامتحن علماء أهل السنة في ذلك الوقت، وأخافهم وأرهبهم، وكثير من علماء السنة في تلك الفترة خافوا وتأولوا وخرجوا من السجن إلا الإمام أحمد رحمه الله ومحمد بن نوح، وكان شاباً صغيراً، فالإمام أحمد رحمه الله جاءته هذه الفتنة وهو في الثامنة والخمسين من عمره، أي: بعد أن صار عالماً مشهوراً في الأمة، فثبت الإمام أحمد رحمه الله وأوذي، واستمرت فتنته عشر سنين، ثم بعد ذلك نصره الله سبحانه وتعالى عليهم، وألف كتابه المشهور: (الرد على الزنادقة والجهمية) وهو كتاب مطبوع وموجود، وأتمنى من الإخوة أن يقرءوه فهو من أنفس الكتب ومن أفضلها، وعليه نور، وهذا النور جاء بفضل زهده وخوفه من الله، وتقواه، وثباته على الحق، وقد ناقش قضية خلق القرآن مناقشة تدل على العلم بالنصوص الشرعية، وأيضاً على استعمال الأساليب العقلية والمناقشات الجدلية التي تثبت أن هذا الإمام يملك العلم في العقل والنقل أيضاً.

وهذه الفتنة انتصر فيها أهل الحديث ولله الحمد والمنة، فقدر الله أن تذهب شوكة المعتزلة، فذابت في الفرق، وأصبحت بعد هذه المرحلة ليس لها كيان مستقل باسم المعتزلة وإنما ذابت في الفرق، فأصبحت عند الأباضية الخوارج وعند الشيعة، فالشيعة اليوم معتزلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>