يرتكب أحدهم ناقضاً من نواقض الإيمان فيستهزئ بالدين مثلاً، فيقال: لا يصح أن تكفر هذا الشخص الذي ارتكب ذلك بل كفر فعله، فهل هناك فرق؟
الجواب
الفعل قد يكون كفراً، والشخص الفاعل قد يكون كافراً وقد لا يكون؛ لأن تكفير المعين يحتاج إلى وجود شروط وانتفاء موانع، فإذا وجدت فيه الشروط التامة وانتفت عنه الموانع فهو كافر، وأما أن نقول: لا نكفر الناس أبداً ولكن نكفر الأفعال فقط، فهذا خطأ وانحراف كبير؛ لأن هناك باباً في الفقه اسمه: باب حكم المرتد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(من بدل دينه فاقتلوه)، والمرتد الذي يكفر بعد إيمانه يقتل، فإذا كنا لا نكفره ونكفر فعله فكيف نقيم عليه الحد؟! ولهذا جاء في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: أنه أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ردفاً لـ أبي موسى الأشعري فلما جاء وجد رجلاً مربوطاً خارج الخيمة، فقال لهم: ما شأنه؟ قالوا: ارتد بعد إسلامه، قال: لا أجلس حتى تقتلوه.
وجاء في بعض الروايات أنه قال: استتيبوه مرة واحدة، وهذه الرواية رواها أحمد في المسند، وحسن إسنادها الحافظ في الفتح، قال: استتيبوه مرة واحدة فإن تاب وإلا فاقتلوه، فإذا كان الكافر المرتد يقتل فلا يصح القول: بأنا لا نكفر الشخص ونكفر الفعل فقط هكذا مطلقاً، لكن أيضاً لا نطالب الآخرين بالاستعجال، ولا نقول لهم: بمجرد أن الشخص يرتكب ناقضاً أو يقع في كفر فإنه يكفر مباشرة، فلا بد من وجود الشروط وانتفاء الموانع، ووجود الشروط وانتفاء الموانع تقتضي ألا يكون متأولاً، فالأشعرية مثلاً والمعتزلة الذين يقولون: بأن القرآن مخلوق لا نكفرهم حتى تقوم عليهم الحجة، فإن قامت عليهم الحجة وارتفعت عنهم الشبهة واتضح بعد ذلك أنهم زنادقة يدافعون عن الزندقة فنكفرهم بأعيانهم، ومن هنا فعقيدة أهل السنة والجماعة في تكفير أهل البدع: أنهم لا يكفرون إلا من قامت عليه الحجة وظهرت له المحجة.