للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعا- اقتضت حكمة الله تعالى أن تكون عامة أحكامه التي تضمنها كتابه المبين، جوابا عن أسئلة أو حلّا لمشكلات واقعة، حتى تكون أوقع في النفس وألصق بالحياة. وتلك وسيلة تربوية ظاهرة لا تحتاج إلى مزيد بيان لها.

وإنما سبيل ذلك أن تتدرج هذه الأحكام وآياتها في النزول تنتظر مناسباتها وظروفها.

ولذلك نجد أن الكثير من آي القرآن إنما نزل جوابا عن سؤال أو حلّا لإشكال، فمن الأول قوله تعالى:

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى، قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ، وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ...

وقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً، فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ ...

وقوله جلّ جلاله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ، قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ .. ومن الثاني قوله تعالى:

وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ، وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ.

وقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً.

فقد نزل كلّ منها حلّا لمشكلة حدثت، ويطول بنا الحديث لو سردنا لك قصة كلّ منها.

خامسا- اقتضى التدرّج بالناس في التشريع أن يوجد ثمة ناسخ ومنسوخ، إذ ربّ حكم كانت المصلحة والرحمة بالناس تقتضي أخذهم به على مراحل، كتحريم الخمر مثلا، فقد اكتفى القرآن في أول الأمر ببيان أن أضراره أكثر من فائدته، وذلك في قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما، حتى إذا استقرّ في النفوس

<<  <   >  >>