ذلك، نزلت آية تنهى الناس عن السكر في أوقات الصلاة، وذلك في قوله:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ .. وهو كما ترى تحريم جزئي في فترات متقطعة من الزمن. فلما أخذ الناس أنفسهم بذلك واعتادوا الامتناع عن الخمر في تلك الأوقات، نزلت آية قاطعة تحرمه تحريما كليا. وذلك هو قوله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ
فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
(المائدة:
٩٠).
وأنت خبير أن كل مرحلة من هذه المراحل السابقة إنما هي نسخ لما قبلها، وتصعيد بالناس إلى طور جديد نحو تكامل التشريع واستقراره.
وهذا لا يتم- كما تعلم- إلا بنزول القرآن منجّما على فترة طويلة من الزمن.
وثمة حكم أخرى جليلة لهذه الظاهرة في نزول القرآن، نمسك عن سردها والإطناب فيها، استغناء بما ذكرنا، واكتفاء بالنماذج عن الاستقصاء.