للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه ثلاثة أصناف للإبهام في نوعه الثاني، نذكر لكل صنف منها مثالا:

مثال الصنف الأول، الآيات المتعلقة بقيام الساعة، من مثل قوله تعالى:

... إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها الآية، فالجمل التركيبية في هذه الآية واضحة المعنى ولكن فيها إبهاما تتطلع إلى كشفه النفس، وذلك من حيث تحديد الزمن الذي ستقوم فيه الساعة أي يوم القيامة، ولا شك أنه أمر مبهم ستره الله حتى عن علم الأنبياء والمقرّبين إليه.

ومثال الصنف الثاني، قوله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ، قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (المائدة: ٢٧).

فالجمل والكلمات في هذه الآية واضحة الدلالة والمعنى، ولكن فيها إبهاما من حيث تعيين المقصود بولدي آدم فمن هما ولدا آدم اللذان كان من شأنهما ما أخبر به عنهما؟ وهو إبهام كشفت عنه السنة وما وصلنا من تفسير الصحابة رضوان الله عليهم، فالمقصود بولدي آدم في الآية: قابيل، وهابيل، وهما ولدا آدم لصلبه.

ومثال الصنف الثالث، قوله تعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا، يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ (١). فمن هم يأجوج ومأجوج ومتى يحين وقت ظهورهم وما هو شأنهم وعملهم؟ ذلك أيضا من المبهم الذي لم تكشف عنه الآية بأكثر من الإخبار عنه وأنه من الغيب الذي سيقع في حينه المقدّر له في علم الله.

ومثاله أيضا قوله تعالى: وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (النمل: ٨٢). فما هي هذه الدابة التي ستخرج إلى الناس تكلمهم وتحدّثهم؟ لا تزيد الآية على


(١) الأنبياء: ٩٦ و ٩٧.

<<  <   >  >>