للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجدتها لا تخرج عن هَذَيْنِ الْأَمْرين إما تكذيب وإما اسْتِكْبار، فهو أي الشَّيطان طرقه أو طريقه مبني على هَذَيْنِ الْأَمْرين.

عنْدَما نأتي للتَّفصيل: هل البخل من خُطُوات الشَّيطان أم لا؟

الجواب: البخل من خُطُوات الشَّيطان؛ لأنَّه يأمر به قَالَ تَعَالَى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: ٢٦٨]، قَالَ كثير من أهْل العِلْم: إن المُراد بالفَحْشاء هُنا البخل لأَن الآية في سِيَاق الإنفاق، وإن كَانَ الأصح أنَّها أعم.

وكَذلِك الأكل بالشِّمال والشُّرب بالشِّمال من خُطُواته أيضًا؛ لأَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأن "الشَّيْطَان يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ" (١)، وعلى هَذَا فالأكل بالشِّمال والشُّرب بالشِّمال يَكُون حرامًا؛ لأَن الله نهى عن اتباع خُطُوات الشَّيطان، والنَّبي عليهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نهى أيضًا أن يأكل الْإِنْسَان بشماله ويشرب بشماله.

وإذا كَانَ النَّهي للتَّحريم، لا يسوغه ما يفعله بعض النَّاس الآن يَقُول: والله أنا آكل وأخاف إن شربت باليَمين أن ألوِّث الإناء، ومن ثَمَّ نأخذ خطر تهاون النَّاس اليوم بهَذ المَسْأَلة؛ لأَن كثيرًا من النَّاس -نسأل الله لنا ولهم الهداية- الآن يأكلون بالشِّمال ويشربون بالشِّمال، ويزعمون أن هَذَا تقدَّم ومدنية والسَّبب هو الشُّعور بالنَّقص؛ لأَن الْإِنْسَان مع الأسف متى شَعُر بنقصه فإنَّه لا بُدَّ أن يقلد من يرى أنَّه أكمل منه.

فهَؤُلَاءِ المغرورون ظنوا أن غيرهم من هَذه الأُمَم الكافرة أرقى منهم وأَشَدّ تقدُّمًا، وصحيح أنهم أرْقَى منا في الصِّناعة وفي أمور الدُّنْيَا، لكن في الأخلاق والآداب


(١) أخرجه مسلم، كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامها، حديث رقم (٢٠٢٠)، عن ابن عمر.

<<  <   >  >>