وقَوْلهُ:{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، قَوْلهُ:{وَللَّهِ} هي خبر مقدم، {وَللِّهِ} مُبْتَدَأ مؤخَّر، والقاعِدَة عند أهْل العِلْم أنَّه إِذَا قدم شَيْء من حقِّه أن يؤخر دل ذَلِك على الحصر، الحصر في هَذَا المقدم يعني حصر المؤخر في المقدم؛ فقَوْلهُ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} مَعْناها أي: لا نعبد إلَّا إيّاك، وقَوْلهُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة: ٥]؛ مَعْناها لا نستعين إلَّا إياك، فإذا قدم ما حقّه التأخير كَانَ ذَلِك دليلًا على حصر الشَّيء فيه، فبناءً على هَذَا القاعِدَة، يَكُون ملك السَّموات والأَرْض لله وحده، ولَيْسَ معه غيره بِدَلِيل الحصر في قَوْلهُ:{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ}.
وقَوْلهُ:{مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} هَذَا شامل لملك الأعيان والتَّصريف، فـ {مُلْكُ السَّمَاوَاتِ} أعيانها لله والتَّصريف والتَّدبير أيضًا لله، وتَخْصِيص ذَلِك بخزائن الرزق والنَّبات والمطر لا وجه إطلاقًا، فالله تَعَالَى له ملك السَّموات والأَرْض خلقًا وتدبيرًا، فالأعيان والتَّصريف لله وحده ويدُلّ على ذَلِك ما فيها من الانتظام وعدم الاضطراب وعدم التَّناقض، ولِهَذَا استدل الله تَعَالَى على وحدانيته بقَوْلهُ: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ