قَوْلهُ: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩)} في مقابل قَوْلهُ: {أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}، والغضبُ أشدُّ من اللَّعْنة، فالغضبُ -والعِيَاذ باللهِ- يَلْزَم منه اللَّعْنة وزيادة، بخلاف اللَّعْنة فهي طردٌ وإبعادٌ عن الرَّحمة، لكن هَذَا طردٌ وإبعادٌ مع غضبٍ، وإنما اختير لها ذَلِك -أي: الغَضَب- لسببين:
السَّبب الأوَّل: أن رَمْيَ الزَّوج إياها بالزِّنَا أقربُ إلى الصدق من إنكارها، ولأنَّهُ يبعد أن يرميَ الزَّوجُ زوجتَه بالزِّنَا وهي حليلته، فهَذَا بعيد جدًّا، إلا إِذَا تَيَقَّنَ ذَلِك، لكنَّ إنكارَها أمرٌ متوقع؛ لأنَّها تَدْرَأُ عن نفسها عارَ الْفَاحِشَة، وكَذلِك عن أهلها، كما قالتِ المَرْأَة:"لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ"(١).
السَّبب الثَّاني: أنَّه إِذَا كَانَ الزَّوجُ صادقًا والمَرْأَة تنكر صَارَت تَرُدُّ الحَقّ مع علمها به، ومن رَدَّ الحَقّ مع علمه به فجزاؤه الغَضَب، كحال اليهود الَّذِينَ ردوا
(١) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب سورة النور، حديث رقم (٤٧٤٧)، عن ابن عباس.