لمَّا بين الله عَزَّ وَجلَّ حال المُنافِقِينَ وأنهم إِذَا كَانَ الحَقّ لهم في حكم الله ورسوله أتوا إلَيْه مذعنين، يعني: منقادين مطيعين فصاروا إنما يتبعون أهواءهم فقط بيَّن حال المُؤْمِنِينَ، فقال:{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}.
{قَوْلَ} مَنْصُوب، والمعْرُوف أن (كَانَ) ترفع الاسْم وتنصب الخبر، وهنا الَّذِي يليها مَنْصُوب وجوابه أن هَذَا هو خبرها مقدمًا، أعني {قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ} خبرها مقدمًا، واسمها المَصْدَر المنسبك من (أن والفِعْل) في قَوْلهُ: {أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} يعني: ما كَانَ قولهم إلا هَذَا القَوْل: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}.
وقَوْلهُ:{إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ} أي: إلى كتابه وإلى {وَرَسُولِهِ} إلَيْه شخصيًّا في حياته وإلى سنته بعد وفاته {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} يقال فيه ما سبق في الآيَة نظيرها {بَيْنَهُمْ} الضَّمِير يَعود على الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - وإنما أسند الحُكْم إلَيْه؛ لأَن حكمه تبليغ عن الله عَزَّ وَجَلَّ فيَكُون حكمه منتظمًا لحكم الله أيضًا؛ إِذْ هو المبلغ عن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.