قَوْلهُ:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} يَقُول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [بِالْفَوْقَانِيَّةِ وَالتَّحْتَانِيَّة وَالْفَاعِلُ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم -] اهـ.
أما قَوْلهُ:{لَا تَحْسَبَنَّ} فهو خطاب على كلام المُفَسِّر للرَّسول - صلى الله عليه وسلم -، ولكن يوجد احتمال ثانٍ، وهو أن يَكُون الخِطَاب لكل مَن يصح خطابه بمثل ذَلِك فيَكُون هَذَا أعم أي:{لَا يَحْسَبَنَّ} أيها المُخاطب، النَّبِيّ عَلِيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وغيره، وأما على قِراءَة "لَا يَحسَبَنَّ"(١) فيقول المُفَسِّر أيضًا: إن الضَّمِير يَعود على الرَّسُول؛ يعني: لا يحسبن الرَّسُول الَّذينَ كَفَرُوا معجزين في الأَرْض.
ولكن عندي أن فيه احتمال أقرب، وهو: أن نجعل يحسبن فاعله {الَّذِينَ}"لَا يَحسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا"، وَيكُون المفعول الأوَّل لـ"يَحسَبَنَّ" محذوفًا، والتَّقدير: لا يحسبن الَّذينَ كَفَرُوا أنفسهم معجزين في الأَرْض، وَيكُون في هَذَا تهديد لهم، أما على ما ذهب إلَيْه المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ فيَكُون المُراد بِذَلِك لَيْسَ تهديدَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّار، ولكن المَقْصُود بِذَلِك تثبيت الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وطمأنته وتسليته بأن هَؤُلَاءِ الكافرين