قَوْلهُ:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} لمَّا ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى أعمال هَؤُلَاءِ الرجَال، تِلْك الأعْمَال الفاضلة، ذكر أعمال الَّذينَ كَفَرُوا ما شأنَّها، وهَذ طريقة الله تَعَالَى في كتابه؛ إِذَا ذكر وصف المُؤْمِن ذكره بعده وصف الكافر أو بالعَكْسِ، وإذا ذكر وصف الجَنَّة ذكره بعده وصف النَّار أو بالعَكْسِ؛ لأَن القُرْآن مثاني تثنى فيه المعاني ويقابل بعضها ببعض، هَذِهِ واحدة، ولأن الْإِنْسَان إِذَا ذُكرت له أوصاف أهل الخَيْر وأوصاف الجنَّة قد يغلب علَيْه جانب الرجاء فيهلك، وإذا ذكرت له صِفات النَّار وصفات أهل الشَّرِّ يغلب علَيْه الخَوْف فيهلك.
ولهَذَا اختلف أهْل العِلْم: هل الأولى أن يُغلِّب الْإِنْسَان جانب الرجاء أو جانب الخَوْف أو يجعلهما سواء؟
فقال الْإِمَام أحمد: يَنْبَغِي أن يَكُون خوفه ورجاؤه واحدًا فأيهما غلب هلك صاحبه؛ لأنه إن غلب الخَوْف وقع في القنوط من رحمة الله، وإن غلب الرجاء وقع في الأَمْن من مكر الله، وكلاهما طريق لا يليق بالمُؤْمِن.