للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} لو كَانَ معه إله {إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} صحيح ما دام أنَّه إله لا بُدَّ أن تَكُون مملكته له وحده، والنَّتيجة {وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون: ٩١]، فإذا علا بعضهم على بعض فلمن تَكُون الأُلوهيَّة؟ للعالي بلا شَك، ونحن نرى بعين اليقين أنَّه لم يتميز الخلق بعضه على بعض وأن العالم العلوي والسفلي كله كتلة واحدة مسخر بعضه لبعض ويتمم بعضه ببعض ولا يتناقض، ولِهَذَا كَانَ العَقْل والمشاهدة دليلين على وحدانية الله عَزَّ وَجَلَّ.

ثم لا يُمْكِن أيضًا تعدد الآلهة لا بُدَّ أن أحَدهما يغلب؛ لأنهما إن تمانعا وعجز كل واحد منهما عن الآخر صَارَ كلاهما غير مستحق للألوهية ما دام كل واحد منهُما يعجز، والرب لا يَكُون عاجزًا، فلا يصلح كل منهما أن يَكُون ربًا؛ لأَن الرب لا بُدَّ أن يَكُون قادرًا، وهَذَا دَليل عقلي معْرُوف، وإن غلب أحَدهما الآخر صَارَ وحده الرب والإله فتكون الألوهية له، فإذا لا بُدَّ أن يَكُون الإله واحدًا، وهَذَا من أبين الأدلَّة وأوضحها.

إذا قَالَ قَائِلٌ: ألَيْسَ الله تَعَالَى يَقُول: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المعارج: ٣٠]، ويقول: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: ٣٣]؛ فأثبت لِلإنْسان ملكًا وأنتم تقولون: إن ملك السَّموات والأَرْض خاص باللهِ بِدَلِيل الحصر فكَيْفَ الجمع؟

الجواب: الملك هَذَا مقيد لَيْسَ ملكًا مطلقًا ومن الَّذِي ملَّكك؟ الله تَعَالَى هو الَّذِي ملكك هَذَا الشَّيء بقدر محدود، أيضًا أنت إِذَا كنت تملك هَذَا المسجل مثلًا تملك أن تبيعه وتشتريه وتنتفع به هَذَا واضح، لكن هل تملك أن تكسره؟ بالنِّسْبَةِ للمخلوقين تملك، لكن بالنِّسْبَةِ لله لا تملك؛ لانَه لا يجوز لك أن تكسره؛ لأنك

<<  <   >  >>