للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢)} [النور: ٢] ولَم يذْكُرِ التَّغريبَ.

ولكِنَّ هذا القَوْل ضَعيفٌ؛ لأنَّ ما ثَبت بالسُّنَّة وجَب العَملُ بِه، كَما يَجِب العَمَل بِما فِي القُرْآن؛ لقَوْل اللهِ تَعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠]، ولقوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٣٦]، وقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧].

فيَجِب أنْ نَأخُذ بِما جاءَتْ بِه السُّنَّة، وإنْ كان زَائدًا عمَّا فِي القُرْآن، بَلْ إنَّ ما جاءَتْ بِه السُّنَّة هُو مما جَاء بِه القُرْآن، كما استدَلَّ بِذَلك عبدُ الله بْنُ مسعودٍ - رضي الله عنه - مُجيبًا للْمَرأة الَّتي قالَتْ لَه: إنَّني لا أجِدُ اللَّعْن -أي لعْن النَّامِصة والمتنمِّصَة- فِي كِتاب اللهِ، فقَال: هُو فِي كِتاب اللهِ، ثُمَّ تلا علَيْها قولَه تَعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧].

والتَّغريب معْنَاه أنْ يُنْفَى عَن بلَدِه لمدَّة سَنَةٍ كامِلَةٍ، والحِكْمة منْه أنَّه إذا غُرِّب عنْ هَذا المكانِ الَّذي وقَع فِيه الزِّنا فإنَّه رُبَّما ينْسَى ذَلك، وأيْضًا فإنَّ الغُربَة تُوجِب أنْ يشْتَغل الإنْسانُ بنَفْسِه دُون أن يتطلَّب الشَّهوةَ واللَّذةَ؛ لأنه غرِيبٌ، ولا سيَّما إذا عُلِمَ أنَّه غُرِّب مِن أجْل الحدِّ، فإنَّه لن يكُون لدَيْه فُرصةٌ أنْ يَعُود إِلى هذه المسْأَلةِ مرَّةً ثانيَةً، ولكِن يُشتَرط في البَلَد الَّذي يُغرَّب إلَيْه ألَّا يُوجد فِيه إباحَةُ الزِّنا -والعياذُ بالله-، فلَا يُغرَّب إِلى بِلادٍ يُمارِس أهلُها الزِّنا؛ لأنَّنا إذا غرَّبْناه إلى مِثْل هذِه البِلادِ فقَدْ أغْرَيْناهُ بذَلك، فيُغرَّب إلى بِلادٍ عُرِف أهلُها بالعِفَّة.

وقولُه تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ} [النور: ٢] فإيَّاك أن تقُولَ: هَذا شيخٌ كَبيرٌ، نجْلِدُه مِئَة جلْدَةٍ! ! وهَذا إِنْ لم يتزَوَّج، وأمَّا إذا تزوَّج فالحِجارَةُ، فلَا تُقل:

<<  <   >  >>