للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّوع الثَّاني: التوبة المقيدة من ذنب معين فهَذِهِ لصاحبها من الثَّناء ما يستحقه، والصَّحيح أن هَذِهِ التَّوبة توبة مقبولة، فإذا تاب الْإِنْسَان من ذنب وهو مُصر على غيره فتوبته منه على القَوْل الراجح صحيحة ومقبولة؛ لأَن الإِيمَان يتبعض، والأعمال تتبعض، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى حكم عدل لا يظلم ولا يخذل، فهَذَا الرَّجل الَّذِي تاب من ذنب وهو مُصِرّ على غيره الصَّحيح أنَّه تقبل توبته وأنه لا مانع من ذَلِك، لكن لا يستحق ما سبق من كونه تائبًا على وجه الإطلاق ومن التَّوابين الَّذينَ يستحقون الثَّناء المُطلق، فله من الثَّناء بحسب ماحصل له من التَّوبة.

هَذَا الْأَمْر {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ} يتوجه إلى أي القسمين المقيد أو العامّ؟

الجواب: العامّ المطلَق، يعني توبة مطلقة عامَّة من جميع الذُّنوب لأجل أن يحصل الفلاح، و (لعل) في قَوْلهُ: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} للتَّعليل؛ أي: أن التَّوبة سبب للفلاح، والفلاح في الحَقيقَة لَيْسَ كَلِمة هينة، الفلاح مثل الفوز، هو عِبارَة عن النَّجاة من المرهوب وحصول المَطْلوب، قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}، ففي قَوْلهُ: {زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ} [آل عمران: ١٨٥]، النَّجاة من المرهوب، وفي قَوْلهُ: {وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ} حصول المَطْلوب.

[والفلاح أيضا هنا {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ما قيده الله] [*] بالدُّنْيَا ولا بالْآخِرَة فدل ذَلِك على أن الفلاح بالتَّوبة يَكُون في الدُّنْيَا وفي الْآخِرَة، وهو كَذلِكَ فإن التائب يحصل له الفلاح في الدُّنْيَا وفي الْآخِرَة.

ولماذا أتى المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ بهَذه الجُمْلَة، وفي الآيَة تغليب الذكور على الإناث، مع أن هَذَا كثير في القُرْآن؟

الجواب: لأَن الخِطَاب موجه للنِّساء في هَذِهِ الآيَة، لو كَانَ من الأَصْل موجهًا للذكور ما احتيج إلى هَذِهِ الجُمْلَة الَّتِي ذكرها المُفَسِّر، لكن لما كَانَ الخِطَاب في الآيَة


[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس بالمطبوع، واستدركناه من (التفسير الثمين)

<<  <   >  >>