والمكانة، مثل النَّووي وابن حجر العسقلاني رحمهما الله تعالى، وغيرهما كثير، هَؤُلَاءِ لا أحد يكرههم أو يبغضهم أو يسيء الظَّن بهم.
لكن لا مانع من أن نقول إِذَا أخطئوا: قولهم خطأ، ونقول: قولهم باطل، لكن لا يَلْزَم من ذَلِك أن نلوم هَذَا الشَّخص إِذَا علمنا منه حسن النِّية وأن هَذَا هو الَّذِي أداه إلَيْه اجتهاده، وهَذ طريقة أهْل السُّنَّة والجماعَة، ولذَلك لا تجد بينهم عداوة ولا بغضاء إِذَا اختلفت أقوالهم، لأَن كل واحد منهم يعرف أن صاحبه معذور، لكن أهل الأهواء والعِيَاذ باللهِ هم الَّذينَ لا يعذرون أحدًا يخالفَهْم وإن كانوا هم على باطل ولذَلك تجدهم يُكِنون العداوة والبغضاء لمن خالفَهْم.
قَوْلهُ:{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [أَي صِفَته فِي قَلْب المُؤْمِن] اهـ. {مَثَلُ نُورِهِ} أي مثل نور الله كمشكاة، المُفَسّر رَحَمَهُ الله قَالَ: [فِي قَلْب المُؤْمِن {كَمِشْكَاةٍ} إلى آخِره]، لماذا لا نجعل {مَثَلُ نُورِهِ} الَّذِي هو نور ذاته وصفته؟ يعني من الَّذِي أوجب لنا أن نؤول؟
لأَن الله لا مثل له، لا يُمْكِن أن نمثل نوره الَّذِي هو صفته بشَيْء من المخْلُوقات فإن الله سبحانه وَتَعَالَى قَالَ:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] , إذن لابدَّ من التَّأويل.
وفي الحَقيقَة إِذَا قَالَ قَائِلٌ: ألستم تنكرون التَّأويل؟ نقول: لا ننكر التَّأويل مطلقًا، بل ننكر التأويل الَّذِي لا دَليل عليه، أما ما يَقْتَضيه العَقْل فإنَّه أمر معْلُوم لأَن عقلك هل يُمْكِن أن يصدق أن نور الله بهَذَا الحجم {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ}؟ أبدًا حَتَّى العَقْل يمنع هَذَا، إِذَا كَانَ العَقْل يمنع هَذَا فالتَّأويل لا بُدَّ منه، يَقُول الله عَزَّ وَجَلَّ في ريح عاد:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} عقلًا لم تدمر السَّموات ولم تدمر