للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقَوْلهُ: {وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} أي: إعطائها، والزَّكاة معْرُوفة لنا، وهي الجزء الَّذِي أوجبه الله تَعَالَى في أموالنا، ولم يبين المُؤْتَى له، لكنَّه مبيَّن في القُرْآن في سورة التَّوبة في قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [التوبة: ٦٠]، هَؤُلَاءِ الَّذينَ تؤتى إلَيْهم الزَّكاة.

قَوْلهُ: {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}. قَوْلهُ: {يَخَافُونَ} صفة لرجال لا تلهيهم، وهم أيضًا في هَذِهِ الأَحْوال: {يَخَافُونَ يَوْمًا} يخافون حال تسبيحهم بالغدو والآصال، وفي حال إقامتهم الصَّلاة وإيتائهم الزَّكاة، وفي حال عدم لهوهم في التجارة والبيع، كل هَذِهِ الأعْمَال مبنية على هَذِهِ العقيدة والأساس.

وقَوْلهُ: {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} خوفهم من هَذَا اليوم يدُلّ على إيمانهم به إِذْ لا يخاف الْإِنْسَان من شَيْء لا يؤمن به، فهو يدُلّ على أن عندهم تمام الإِيمَان واليقين باليوم الآخر ولذَلك يخافون هَذَا اليوم، هَذَا اليوم وصفه الله بقَوْلهُ: {تَتَقَلَّبُ} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [تضطرب {فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}] اهـ.

قَوْلُهُ: {تَتَقَلَّبُ} التقلب معْرُوف؛ هو تغيُّر الهيئة من حال إلى حال، وهَذِهِ القلوب تتقلب وتضطرب وتنتقل من حال إلى حال؛ لكن كَيْفَ تتقلب؟ يَقُول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [من الخَوْف القلوب بين النَّجاة والهلاك} اهـ.

لا يدري الْإِنْسَان هل ينجو أو يهلك فقلبه متقلب مضطرب، أحيانًا يغلب علَيْه الرجاء وأحيانًا علَيْه الجوْف، كَذلِكَ الأبصار تتقلب، يَقُول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [من ناحيتي الْيَمِين والشِّمال]. اهـ؛ لأَن النَّاس كثيرون وكأنهم لَيْسَوا بعقلاء؛ ولِهَذَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}

<<  <   >  >>