ولكن هَذَا التوهم لا يرد على تقدير المُفَسِّر، وهو أن المُراد ليجزيهم الله ثوابه، فيَكُون المَعْنى ليجزيهم الله أحْسَن ثواب ما عملوا، وعلَيْه فلا إِشْكال إطلاقًا ولا نؤول أحْسَن بمَعْنى حسن، لأَن تأول أحْسَن بمَعْنى حسن تحريف.
أيهما أكمل؟ {أَحْسَنَ}. فلِذَلك نقول: الآيَة على ظَاهِرها، واسم التفضيل على بابه، والمَعْنى: أنهم يجزون أحْسَن ثواب لعملهم، لأَن الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كَثيرَة، والْإِنْسَان لو عملت له عملًا وأعطاك أجرك مرتين يَكُون هَذَا أحْسَن ثواب، أي: ممتاز، لكن ثواب الله عَزَّ وَجلَّ أحْسَن وأحْسَن، لأَن الله يُضاعف لمن يشاء، فالأَوْلَى، بل الواجب، أن تبقى {أَحْسَنَ} على ما هي علَيْه من التفضيل، ونقول أحْسَن: أي أحْسَن ثواب لعملهم، وَيكُون هُنا الأحْسَن لَيْسَ للعمل؛ بل للثواب.
بقي علَيْنا التَّقدير الأوَّل:{لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} لماذا جعل الله تَعَالَى الحُسْنَ للعمل نفسه مع أن الحسن للثواب؟ إِشارَة إلى أن الجزاء بقدر العَمَل ولذَلك عُبر به عنه، العَمَل كما تدين تُدان، والْإِنْسَان الَّذِي لا يُصلِّي مثلًا؛ هل يُثاب ثواب المصلِّي؟
الجواب: لا، والذي لا يُزكِّي لا يُثاب ثواب المزكِّي وهَكَذا، فالجزاء على العَمَل، ولذَلك عُبِّر به أي بالعَمَل عن جزائه إِشارَة إلى أن الجزاء من جنس العَمَل لكنَّه جزاء أحْسَن ما يَكُون.