للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما من جهة النَّظر أن الزَّوج مُدَّعٍ في الحَقيقَة، وأيهما يُبدأ به المدعِي أو المُنْكِر؟ الَّذِي يُطلَب منه إِثْبات الدعوى هو المُدعي، فيُقال له: هاتِ بيِّنةً، وإذا لم توجد بينة رجعنا إلى المُنْكِر، وهو المُدَّعَى عليه.

الفَائِدة الثَّالِثَة: أنَّه لا بُدَّ أن يُؤَكِّدَ الشَّهادةَ بـ (إنَّ) و (اللَّام) مع الْيَمِين السَّابقة، لقَوْلهُ: {إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} فلو قَالَ: "أشهدُ باللهِ أني صادقٌ"، فإنَّه لا يكفى، لا بُدَّ أن يأتي باللَّام، لأَن اللَّام تفيد زيادةَ تأكيدٍ وتقوية.

الفَائِدة الرَّابِعَة: جَواز الدُّعاء مُعَلَّقًا بالشَّرْطِ؛ لقَوْلهُ: {إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}، وهي تقول: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}، ففيه دليل على جَواز الدُّعاء مُعَلَّقًا بالشرط، وقد جاء مثله أو قريبٌ منه في الاستخارة: "اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْر خَير لي فِي دينِي وَمَعَاشِي ... " (١).

وكما جاء الشَّرط مقيدًا في دُعاء الخالق، جاء مقيدًا في تَشْريع الشَّرع؛ أي في الأَحْكام الشَّرْعِيَّة، مثل ما قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لضُبَاعَةَ بنتِ الزُّبَيْرِ - رضي الله عنه - لمَّا قالتْ: يا رَسُول الله، إني أريدُ الحجَ وأَجِدُنِي شَاكِيَةً، قَالَ: "حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّيَ حَيْثُ حَبَسْتَنِي فَإِنَّ لَكِ عَلَى رَبِّكِ مَا اسْتَثْنَيْتِ" (٢).

وَكَما يجوزُ الشَّرط في دُعاء المَسْأَلة يجوزُ في دُعاء العِبادَةِ، كما في حديث ضُبَاعَةَ


(١) أخرجه البخاري، كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الاستخارة، حديث رقم (٦٣٨٢)، عن جابر بن عبد الله.
(٢) الحديث أخرجه بلفظه كاملًا النسائي كتاب مناسك الحج، باب كيف يقول إِذَا اشترط، حديث رقم (٢٧٦٦)، عن ابن عباس، وأصل الحديث أخرجه البخاري كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، حديث رقم (٥٠٨٩)، ومسلم كتاب الحج، باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه، حديث رقم (١٢٠٧)، عن عَائِشَة.

<<  <   >  >>