فإذا شهد الرَّجل أربع شَهادَات باللهِ أُقيم عَلَيْها الحَدُّ، لكن لها أنْ تدفعَ هَذَا الْحَدَّ بشهاداتٍ تُنْقِضُ شهادَاتِه.
إِذَنْ المُراد بالْعَذابِ في قَوْلهُ:{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} هو حَدُّ الزِّنَا، وأما قَوْل فقهائنا رَحِمَهُم اللهُ:"إن المُراد بالْعَذابِ الحبسُ حَتَّى تُقِرَّ أو تُلاعِنَ"، فهَذَا قولٌ ضعيفٌ جدًّا لا دليلَ عليه؛ لأنَّه لا ذكر للحبس في الآيَة، بل هي صريحةٌ في أن الَّذِي يندفع هو الْعَذَاب؛ أي حَدُّ الزِّنَا؛ بِدَلِيل قَوْلهُ:{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٢].
ولو قَالَ قَائِلٌ: إِذَا أنكرتِ المَرْأَة ماذا نعمل؟
الجواب: نقول للرَّجُلِ: اشهدْ على ما قلتَ أربعَ شَهادَات باللهِ إنكَ لمن الصَّادِقينَ، والخَامِسَة أنَّ لعنةَ الله عليكَ إن كنتَ من الكاذِبِين، فإذا شهدَ يثبتُ عَلَيْها الحدُّ؛ أي حَدُّ الزِّنَا، وهو الرَّجْمُ إنْ كَانَت مُحْصَنَةً، والجلدُ مع التَّغْريب إنْ كَانَت غيرَ مُحصنةٍ.
ولو قَالَ قَائِلٌ: هل يُمْكِن أن تَكُون الزَّوْجَة غيرَ مُحصنةٍ؟
الجواب: يُمْكِن بأن يعقدَ عَلَيْها ولا يُجامِعها فتكونَ غيرَ مُحصنةٍ.
فإذا ثبتَ الحْدُّ عَلَيْها بشَهادَة الزَّوج، فلها أنْ تُسْقِطَ هَذَا الحْدَّ بشهاداتٍ تقابلُ شهاداتِه، ولهَذَا يَقُول الله عَزَّ وَجَلَّ:{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ} أي: شهاداتها {أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} فيما رماها به من الزِّنَا.
فإذا شهدَ عَلَيْها، فإنْ لاعنَتْ قبلنا منها، وإن أبَتْ لا نقيم عَلَيْها حد الزِّنَا، بل نحبسها حَتَّى تُقِرَّ بالزِّنَا أو تلاعنَ، وأمَّا الآيَة فتدل على أنَّه إِذَا لم تلاعن نقيم عَلَيْها الْحَدَّ مباشرةً.