الفَائِدة الرَّابِعَة: أنَّ مِنْ فَوَائِدِ الإِيمَان أن صاحبه محل للثقة وأن الإِيمَان موجب للعدالة حيث إن الله نهى أن يُظن بالمُؤْمِنِينَ إلَّا الخَيْر.
الفَائِدة الخَامِسَة: أن المُؤْمِنِينَ بعضهم لبعض كالنَّفس الواحدة فهم شَيْء واحد ونفس واحدة؛ لقَوْلهُ:{بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} فالمُراد بقَوْلهُ: {بِأَنْفُسِهِمْ} المقذوفون أي: بعَائِشَة والنَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وصَفْوان لأنهم مُؤْمِنُونَ، والمُؤْمِن مع المُؤْمِن كالنَّفس الواحدة. ويستدلون على ذَلِك بقول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوادِّهِمْ وَترَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الجَسَدِ، إِذَا اشْتكَى مِنْهُ عُضْو تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالحُمَّى والسَّهَرِ"(١)، فنجعل المقذوفين هم أنفس هَؤُلَاءِ المتكلِّمين.
لكن يوجد قَوْل ثانٍ في المَسْأَلَة: أن المُراد بقَوْلهُ: {بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} يعني إِذَا كانوا يظنون بأنفسهم خيرًا وهم يعرفون أنفسهم وطهارتهم ونزاهتهم فيَجب أن يَظنُّوا بعَائِشَة وهي فراش النَّبِيّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- وبالنَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وهو زوجها الَّذِي لا يُمْكِن أن يدنس فراشه بمثل هَذِهِ التهمة يَجب أن يَظنُّوا خيرًا مِنْ بَابِ أَوْلَى.
الفَائِدة السَّادِسَة: أن القَرَائِن لها تأْثِير وأن الْإِنْسَان يحكم بالظن بحسب القَرَائِن أي: أن الْإِنْسَان يَجب علَيْه أن يبني ظنه على قرائن، كما لقَوْلهُ:{لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا}.
الفَائِدة السَّابِعَة: أن ظن السُّوء بمن يستحقه لا ينافي الإِيمَان؛ لقَوْلهُ:{ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} فالمُؤْمِن لَيْسَ محلًّا لسوء الظَّن، أما غيره من الفُسَّاق
(١) أخرجه البُخاريّ، كتاب الأدب، باب رحمة النَّاس والبهائم، حديث رقم (٦٠١١)، مسلم واللفظ له، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، حديث رقم (٢٥٨٦)، عن النُّعمان بن بشير.