للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن القيم تبعاً لشيخ الإسلام يرون أنه لا يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يتم، بل هذا كذب عليه، ولا يصح عن عائشة أنها كانت تتم معه -عليه الصلاة والسلام-، إذ كيف يظن بها أنها تخالفه؟ كيف يظن بأم المؤمنين الفقيهة العالمة العابدة الزاهدة أنها تخالف النبي -عليه الصلاة والسلام-؟

أما كونها تتم بعده هذا لا إشكال فيه، يعني بعد وفاته كانت تتم، وأنها تأولت مثل ما تأول عثمان، وكانت تقول: لا يشق عليه، لكن معه وتخالفه؟! شيخ الإسلام يرى أن هذا لا يصح عنها، ولا يمكن أن يظن بها مثل هذا، لكن ما دام ثبت عنها أنها أتمت بعده فلا يبعد أن تتم وهي معه؛ لأن المخالفة للنبي -عليه الصلاة والسلام- سواءً كانت في حياته بإقراره -عليه الصلاة والسلام- مما يكون صارفاً لمعنى فرضت إلى قدرت، فيكون هذا دليل للجمهور على أن القصر رخصة وليس بواجب، وإن كان هو الأفضل؛ لأنه هو الذي فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"أنها كانت تصلي في السفر أربعاً، فقلت لها -عروة ابن أختها-: لو صليت ركعتين؟ فقالت: يا ابن أختي إنه لا يشق علي" وتقدم أنها تأولت مثل ما تأول عثمان، يعني قد يعجب الإنسان من إتمام عثمان ومن إتمام عائشة، مع أنه لم يحفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أتم في السفر، ولعل في ذلك من الحكمة الإلهية ما يكون صارفاً لملازمته -عليه الصلاة والسلام- للإتمام، وقولها: "فرضت" من الوجوب إلى الاستحباب كما هو قول جماهير أهل العلم.