((هل منكم أحد أطعم اليوم مسكيناً)) لكن لو أن مسكيناً جلس عند باب المسجد لتعرف حاله، وتصدق الناس عليه، هذا لا إشكال فيه، حصل في عهده -عليه الصلاة والسلام- أنهم تصدقوا على السائل في المسجد، لكن لم يسأل صراحة، وإنما جلس في مكان بحيث يعرف وضعه وحاجته فيتصدق عليه، لكن من قام ليسأل، بعد أن سلم الإمام قام، وذكر أن عليه دية أو ديات، والمعلوم أن الدية على العاقلة ليست عليه، ومع ذلك يشغل المصلين عن أذكارهم، وإذا كان الذي يسأل عن حق له ضل عنه يرد عليه بـ (لا وجدت) أو (لا رد الله عليك ضالتك) فكيف بمن يسأل شيئاً ليس له في الأصل وإنما يسأل من أموال الناس؟! فرق بين هذا وهذا، وبعض الناس يغلظ على مثل هؤلاء ويمنعهم، ويشدد عليهم، وكلٌ مطالب بما يخصه من خطاب الشرع، يعني هذا السائل لا يجوز له أن يقاطع الناس ويشوش على الناس في أذكارهم، ويؤذيهم في مثل هذا، وبعض الذين قد فاتهم شيء من الصلاة يتشوش عليهم ما يريدون قضاءه من صلاتهم، وأيضاً غير هذا السائل مطالب بقوله تعالى:{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [(١٠) سورة الضحى] يعني يمكن أن يوجه ويعلم برفق، بدون نهر وبدون إغلاظ في القول إنما يوجه، يقال له: لو جلست عند الباب، لو فعلت كذا، لو انتظرت قليلاً حتى ينتهي الناس، المقصود أنه بدون نهر، ويحصل من بعض الأئمة أو من بعض المصلين وهذا من باب الغيرة لا نحسبهم إلا كذلك، لكن يبقى أن عندنا نصوص تحكم تصرفاتنا، فهذا السائل له ما يخصه، وغيره ممن أراد أن ينكر عليه أيضاً له ما يخصه.
"دخلت المسجد" والحديث ضعيف كما عرفنا، مضعف بمبارك بن فضالة "فقال أبو بكر: "دخلت المسجد فإذا أنا بسائل، فوجدت كسرة خبز بين يدي عبد الرحمن" عبد الرحمن بن أبي بكر، كسرة خبز في المسجد وإلا في البيت؟ يعني كأنه رجع إلى بيته فوجد كسرة بين يدي عبد الرحمن فأخذها فدفعها إلى السائل؛ لأن بيت أبي بكر على المسجد، خوخته تفتح على المسجد، فهو ملاصق للمسجد، ويحتمل أن تكون هذه الكسرة أيضاً بين يدي عبد الرحمن في المسجد، المقصود أن المؤلف أورد هذا الحديث ليبين أن السؤال والصدقة على السائل في المسجد لا شيء فيه، والحديث فيه ما فيه.