قال -رحمه الله-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أصيب سعد" سعد بن معاذ، سيد من سادات الأنصار "أصيب سعد يوم الخندق في الأكحل" وهو عرق في اليد، أصيب، قطع هذا العرق "فضرب عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيمة في المسجد ليعوده من قريب" كأن بيت سعد بعيد عن المسجد فضرب له خيمة في المسجد؛ ليعوده النبي -عليه الصلاة والسلام- من قرب "فلم يرعهم وفي المسجد معه خيمة من بني غفار" قوم من الغفاريين "فلم يرعهم ... إلا والدم يسيل إليهم، فقالوا: يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم؟ " القوم من بني غفار في خيمتهم، في خيمة مستقلة عن خيمة سعد، فجرى الدم من عرق سعد ومضى إلى خيمة بني غفار، فكلموا من في خيمة سعد، فقالوا: يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم؟ دم هذا، هل هذا قتيل؟ أم ماذا؟ هذا يورث سؤال من أين هذا الدم؟ "فإذا سعد يغذ جرحه دماً" يعني يسيل جرحه دماً "فمات فيها" مات في هذه الجرحة -رضي الله عنه وأرضاه- في غزوة الخندق، سنة خمس من الهجرة.
والمؤلف -رحمه الله تعالى- إنما ساق هذا الحديث ليبين أنه لا مانع من اتخاذ مكان خاص في المسجد للحاجة عندما تدعو إليه الحاجة، لو قال قائل: هذه الغرفة وهذه الغرفة ما الداعي ... ؟ وجودها يعني شرعي وإلا غير شرعي في المسجد؟ غرفة عن اليمين وغرفة عن الشمال، هل يجوز اتخاذ غرف أو خيام في المسجد؟ نقول: نعم للحاجة لا بأس إذا لم تضيق على المصلين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- اعتكف واحتجر حجيرة، اتخذ مكان يعتكف فيه، ويخلو فيه عن الناس، فلا مانع من وجوده، وجود هذا المكان المخصص لهذا المريض، أو لهذا المعتكف، أو لهؤلاء الغرباء، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ولم يضيق على المصلين؛ لأن المصلين أولى بالمسجد من غيرهم.