قال -رحمه الله-: "وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) متفق عليه" وهاتان الركعتان هما تحية المسجد ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) هذه تحية المسجد، وجمهور أهل العلم على أن تحية المسجد سنة مؤكدة، وقال بعضهم بوجوبها؛ لأنه نهي عن الجلوس، والنهي عن الجلوس أمر بهذه الصلاة، لكن هل تتم المقابلة بين النهي عن الجلوس والأمر بالصلاة؟ أو المقابلة بين النهي عن الجلوس والأمر بالقيام، يعني إذا ثبت قائماً ما صلى ركعتين يكون خالف الخبر؟ ما خالف، ولذا ليس في الحديث دلالة على وجوب تحية المسجد، إنما هو منع من الجلوس إلا إذا صلى، ومع ذلك الكلام في تحية المسجد في حكمها وفي فعلها في أي وقت، تكلمنا فيه فيما سبق، في ذوات الأسباب في فعلها في أوقات النهي، والمعارضة بين مثل هذا الحديث وبين النهي عن الصلاة في الأوقات الخمسة ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)) وحديث عقبة: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وإذا تضيفت الشمس للغروب حتى تغرب" ثلاث ساعات مع ما بين الصبح إلى طلوع الشمس، وما بين صلاة العصر إلى غروبها تكون الأوقات خمسة، وبسطنا هذا في دروس مضت، وعرفنا أن من أهل العلم من يرى أن أحاديث النهي عامة، وأحاديث ذوات الأسباب مثل تحية المسجد خاصة، والخاص مقدم على العام، فتصلى هذه الصلوات الخاصة في جميع الأوقات، وهذا قول الشافعية وهو الذي يرجحه شيخ الإسلام، وغيرهم من الحنفية والمالكية والحنابلة يرون العكس أن أحاديث ذوات الأسباب عامة، وأحاديث النهي خاصة، والخاص مقدم على العام.