"وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) رواه أبو داود وابن خزيمة والترمذي، وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، قال: وذاكرت به" يقول الترمذي: "ذاكرت به محمد بن إسماعيل" يعني البخاري "فلم يعرفه واستغربه" وعلى كل حال الحديث ضعيف، وجاء في أحاديث تنظيف المساجد الأمر بتنظيفها، والأمر بتطييبها، أحاديث صحيحة، فتغني عن هذا، لكن مع ذلك تنظيف المسجد من القرب التي يتقرب بها إلى الله -جل وعلا-؛ لأنها من تعظيم بيوت الله، ومن تعظيم شعائره، ومقابل ذلك التسبب في تقذير المسجد، لذا يبحثون في الاعتكاف مسألة قص الأظافر في المسجد، أو نتف شيء من الشعر، أو سقوط شيء منه في المسجد، يقولون: عليه أن يُخرج ما تركه في المسجد من هذا القذى، والقذى الشيء اليسير الذي يجتمع في العين، شيء يسير لا يكاد يرى، فمثل هذا يخرج من المسجد، وما فوقه من باب أولى.
بعض الناس يكون معه السواك جديد فيبتدئه في المسجد، ثم يبقى في فمه كسر من هذا السواك، ثم يلفظها في المسجد، هذا لا شك أنها إساءة إلى المسجد، وعليه أن يزيل ما لوث به المسجد.
يقول:((وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أرَ ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) لا شك أنه من حفظ القرآن عليه أن يحافظ عليه، من حفظ القرآن أو شيئاً منه عليه أن يحافظ عليه، ولا يجوز له أن يفرط فيما حفظه، نعم إذا نسي من غير تفريط، أو بسبب شيء خارج عن إرادته وطوقه، ضعفت حافظته، تعرض لشيء، تعرض لخرف، تعرض لنسيان، هذا ليس بمقدوره، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لكن يبقى أنه إذا كانت الحافظة موجودة لا يجوز له أن يفرط في القرآن {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [(١٢٦) سورة طه] ولذا لا يجوز أن يقول الإنسان: نسيت آية كذا، بل يقول: أنسيت كما في الحديث الصحيح، ومع ذلك إذا أنسي عليه أن يراجع، وعليه أن يتعاهد حفظه، والله أعلم.