للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرواية الأولى والثانية يستدل بهما من يرى أن الجمعة تصح قبل الزوال، لكن الرواية الثالثة -اللفظ الثالث- مفسر، والحديث واحد: "كنا نجمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ زالت الشمس" يعني بعد الزوال، "ثم نرجع نتتبع الفيء" فدل على أن قوله "ليس للحيطان ظل يستظل به" ظل موصوف بكونه يستظل به، والناس يخرجون جماعات بعد صلاة الجمعة فلا يوجد ظل يستظل به المصلون كلهم، مما يدل على أن هذه الصلاة يبادر بها في أول وقتها بعد الزوال بخلاف صلاة الظهر، لا سيما إذا اشتد الحر فإنه يبرد بها من أجل أن يستظل الناس، وأما الجمعة فإنه يبادر بها فيخرجون يتتبعون الفيء، يبحثون عن الظل فلا يوجد ظل يستوعبهم، ظل يستظل به، وأما فيء الزوال فموجود، ليس للحيطان فيء مبالغة في العجلة بها، وعدم تأخيرها، ثم ننصرف وليس للحيطان ظل يستظل به، والرواية الثانية: وما نجد للحيطان فيئاً نستظل به، ومعلوم أنهم إذا خرجوا جماعات لا يجدون ظل يستظلون به، لكن قد يستظل الواحد والاثنين يلتصقان بالجدار، أما البقية فلا يوجد ظل يستوعبهم لكثرتهم، وعلى كل حال الحديث بروايتيه الأولى والثانية دليل للحنابلة، لأحمد وإسحاق الذين جوزوا الصلاة -صلاة الجمعة- قبل الزوال، وعلى خلاف بينهم هل تصلى في أول النهار كصلاة العيد أو وقتها يبدأ من بداية وقت صلاة العيد؟ وعند الحنابلة رواية أنها تصلى في الساعة السادسة، وهذه هي التي اختارها الخرقي؛ لأنه من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً، في الرابعة كأنما قرب دجاجة، في الخامسة بيضة، ثم السادسة يدخل الإمام، فتصلى في الساعة السادسة، لكن متى تبدأ الساعة السادسة؟ الساعات مقدار من الزمان من غير تحديد، ليست هي الساعات الفلكية التي استحدثت فيما بعد بحيث تكون الساعة ستين دقيقة متساوية مع الساعة التي تليها والتي قبلها، إذا قيل: تحدثا ساعة يمكن أن تكون الساعة نصف ساعة فلكية، ويمكن تكون ساعتين، المقصود أنها مقدار من الزمن ليس محدداً، إنما يقسم الوقت من ارتفاع الشمس وحل الصلاة إلى دخول الإمام على خمسة أو على ستة، فيخرج مقدار