للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقصود أن المواطن تختلف، ولكل مقام مقال، فرق أن تسمع الموسيقى من جوال عامل أعجمي جاء من بلاد اعتادوا هذه الأمور من غير نكير، وبين أن تسمعها من شخص عربي يفهم الكلام، إذا أنكرت عليه فهم، لكنه جاء من بلدان توجد فيها هذه الأشياء، هذه مرتبة ثانية، فللأول طريقة وللثاني طريقة، وبين شخص عامي من أهل هذه البلاد الذين نشأوا على أن الموسيقى محرمة، وأن الأغاني حرام، وبين طالب علم يعرف الحكم بدليله، ومع ذلك تسمع الموسيقى من جواله، لكل مقام مقال، فالإنكار على الأول يختلف عن الإنكار على الثاني، والإنكار على الثاني يختلف عن الإنكار على الثالث والرابع وهكذا، فكلٌ له ما يناسبه، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما شفع أسامة في حد من حدود الله غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أتشفع في حد من حدود الله؟! )) غضب، وأنكر عليه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- في هذه المواطن وهو ينذر الناس ويحذرهم من عقاب الله -جل وعلا-، وهكذا ينبغي أن تكون الخطب مؤثرة في الناس؛ لأنها إذا ألقيت كما اعتاده كثير من الخطباء يكتب الخطبة في ورقة، ثم يقرأها على الناس بأسلوب عادي غير مؤثر، هذه لا تجدي هذه الخطبة، ولا تترتب عليها آثارها التي من أجلها شرعت، بعض الناس ينام، بل كثير من الناس ينامون والإمام يخطب؛ لماذا؟ لأنها غير مؤثرة، ولا شك أن الأسلوب له أثره، وطريقة الأداء لها أثرها.

"كان -عليه الصلاة والسلام- إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم" يعني: أثر كثير من الخطباء في السامعين ضعيف حتى أن بعض السامعين أو كثير من السامعين إذا خرج تسأله عن الخطبة؟ يقول: ما أدري إيش قال؟ يعني ما في شيء يجذب السامع، ما يدري، فيوافق المنافقين في قولهم: {مَاذَا قَالَ آنِفًا} [(١٦) سورة محمد] يسمعون ما قال، ثم يسألون الصحابة، يسألون ابن مسعود وغير ابن مسعود {مَاذَا قَالَ آنِفًا} [(١٦) سورة محمد] فلا تكن سبباً في ذلك، بل اقتدِ بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك أثرت طريقته في صحابته -رضوان الله عليهم-، فصاروا يحفظون عنه كل ما يقول، ولم يضع من كلامه شيء -عليه الصلاة والسلام-.