أما الذي له هم لموضوع معين تجده يدور حول الموضوع، ولذا بعضهم يفضل الكتابة لأنها تحصر الموضوع، ولا تشتت الموضوع، ولا شك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- خطبه ارتجالاً، والاقتداء به هو الأصل، لكن على الإنسان أن يهتم في الموضوع الذي يريده بحيث لا يتعداه إلا لما يخدمه، يعني لا يبعد عنه بعيداً؛ لأن وقت الخطبة محدود وقصير، فلو أراد الإنسان أن يقول: كل ما يريد شق على الناس ((إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه)) علامة على فقهه، دلالة على فقهه، تجد بعض الخطباء يصعد المنبر ثم يتكلم في موضوعات شتى، ويشرق ويغرب، ويطيل على الناس، ثم إذا نظر إلى الساعة فإذا به قد أطال فخشية من أن يتذمر الناس من إطالته تكون الضحية الصلاة، فيؤديها في دقيقتين أو ثلاث، هذا ليس هو بالفقيه، إنما الفقيه الذي يعالج موضوع معين محدد أو موضوعات متقاربة يمكن إيضاحها وبيانها للمستمعين في أقصر عبارة وأوجز عبارة وأبلغ أسلوب.
((فأطيلوا الصلاة)) إطلالة لا تشق على المأمومين ((أيكم أم الناس فليخفف)) فلا نأخذ من ((أطيلوا الصلاة)) الإطالة التي تشق على المأمومين، ولا نأخذ من قوله:((أيكم أم الناس فليخفف)) تأصيلاً وتشريعاً للنقارين في الصلاة، ولذا إذا شرحوا حديث معاذ قالوا: ليس فيه حجة للنقارين الذين ينقرون الصلاة نقر الغراب، الذي جاء النهي عنه.
((فأطيلوا الصلاة)) إطالة نسبية ((واقصروا الخطبة)) قصر نسبي، لا يقول القائل: إن القصر هذا بحيث تتأدى الخطبة بدقيقة أو دقيقتين، لا، إنما هو قصر نسبي، فإذا أديت الخطبة عشر دقائق ربع ساعة هذه خطبة ليست بالطويلة، وتؤدي الغرض، ثم بعد ذلك الصلاة تحتاج إلى مثل هذا الوقت، ولا يعني أن وقت الصلاة يكون أطول من وقت الخطبة، ليس بالضرورة أن يكون وقت الصلاة أطول من الخطبة لنطبق هذا الحديث، إنما الطول والقصر نسبي، وكل شيء بما يناسبه.
((وإن من البيان سحراً)) وفي بعض الروايات: ((لسحراً)).
((إن من البيان لسحراً)) هل هذا أسلوب مدح أو أسلوب ذم؟